بطانة الرحم

بطانة الرحم

تلعب بطانة الرحم دوراً حاسماً في الجهاز التناسلي للإناث، حيث تعمل على تهيئة الرحم لاستقبال البويضة المخصبة ودعم نمو الجنين في حال حدوث الحمل، وفي حال عدم تخصيب البويضة، تقوم بإجراء تطهير طبيعي يُعرف بالحيض.

خلال الدورة الشهرية، تمر بطانة الرحم بتحولات كبيرة تستعد من خلالها لإمكانية الحمل، فتزداد كثافة الغدد الرحمية والأوعية الدموية، مما يسمح بتغذية البويضة المخصبة بشكل فعال ويعزز من فرص الانغراس الناجح.

إذا لم يتم تخصيب البويضة، تفقد هذه الأنسجة والأوعية الدموية ضرورتها، ويبدأ الجسم في التخلص منها عبر الدورة الشهرية، وتُطرح الأنسجة المتجددة وبقايا الدم عبر الحيض، مما يعيد بطانة الرحم إلى حالتها الطبيعية استعداداً للدورة الشهرية التالية.

 

مكونات بطانة الرحم

تحتوي بطانة الرحم على غدد تُحاط بنسيج ضام رقيق، وتظهر أساسًا في صورتين للنساء في سن الخصوبة.

1. الطبقة القاعدية (Stratum basale)

تحتوي بطانة الرحم على طبقة داخلية تشكل ثلث البطانة الكاملة وهي ملتصقة بعضلات الرحم. تلعب هذه الطبقة دوراً هاماً في تهيئة بطانة الرحم لاستقبال الدورة الشهرية المقبلة، حيث تتجدد هذه الطبقة بعد أن تتساقط الطبقة الخارجية خلال فترة الحيض في حال لم يحدث تخصيب. تمثل هذه الطبقة الخارجية التي تنفصل ثلثي بطانة الرحم.

2. الطبقة الوظيفية (Stratum functionale)

تُعد البطانة الرحمية منطقة حيوية تتألف من طبقتين تتفاعلان مع التغيرات الهرمونية. في حالة عدم حدوث الحمل، تقوم الطبقة الوظيفية، التي تشكل غالبية سطح البطانة، بالنمو ثم تلفظ نفسها خلال الدورة الشهرية. هرمون الاستروجين يلعب دورًا رئيسيًا في تحفيز نمو هذه الطبقة.

من الجدير بالذكر أن البطانة الرحمية، على الرغم من عدم وضوح الفصل بين طبقتيها، تظهر اختلافًا واضحًا في الخصائص؛ حيث تتميز الطبقة القاعدية بكثافة خلايا أعلى مقارنةً بالطبقة الوظيفية، مما يُمكننا من التمييز بينهما بسهولة.

أبرز المشكلات التي قد تصيب بطانة الرحم

تعاني بطانة الرحم من عدة اضطرابات قد تؤدي إلى تأثيرات سلبية على قدرة المرأة على الإنجاب. تشمل هذه الاضطرابات:

مشكلات في سماكة الرحم

يمكن أن يؤدي الاختلاف في سمك بطانة الرحم إلى مشكلات تتعلق بالخصوبة، حيث أشارت الدراسات إلى أن البطانة الأكثر سمكاً أو الأقل من الطبيعي قد تعيق تثبيت الجنين في الرحم وتزيد من خطر الإجهاض في حال حدوث الحمل. لتحديد سمك البطانة، يستخدم الأطباء فحص الموجات فوق الصوتية المهبلية.

مشكلات الطور الأصفر (Luteal phase defect)

يؤدي هرمون البروجسترون دوراً حيوياً في مرحلة ما بعد الإباضة، المعروفة بالطور الأصفر، حيث يعزز من استعداد بطانة الرحم لاستقبال الجنين من خلال توفير العناصر الغذائية اللازمة والحفاظ على سلامة هذه البطانة. كما يساعد على تهيئة البيئة المناسبة لنمو الجنين. إذا ما واجهت هذه المرحلة أي خلل قد ينجم عنه نقص في إنتاج البروجسترون، مما يحد من القدرة على الإنجاب.

انتباذ بطانة الرحم (Endometriosis)

تتميز حالة إمراضية يحدث فيها نمو لأنسجة تشبه الطبقة الداخلية للرحم في مناطق خارجية عن تجويف الرحم ذاته، وهي تعتبر من الأسباب المعروفة التي تؤدي إلى مشكلات العقم.

الزوائد اللحمية الرحمية (Endometrial polyps)

هذه الحالة الصحية تظهر عندما تزداد سُمك بطانة الرحم بشكل مفرط. عادة ما تكون هذه الحالة غير خبيثة ولا تتطور إلى السرطان. مع ذلك، قد ترتبط في بعض الأحيان بمشاكل العقم، رغم أن الإصابة بالعقم ليست حتمية.

العضال الغدي (Adenomyosis)

غالباً ما تتطور الخلايا الموجودة في بطانة الرحم داخل عضلات الرحم في حالة تُعرف بالعضال الغدي. هذه الحالة قد تؤدي إلى آلام حادة ونزيف كثيف خلال الدورة الشهرية.

متلازمة أشيرمان (Asherman’s Syndrome)

تظهر هذه الحالة عندما يتكون نسيج ندبي داخل الرحم يؤدي إلى تكون التصاقات. غالباً ما تؤثر هذه الظاهرة على قدرة المرأة على الحمل وقد تزيد من خطر حدوث الإجهاضات المتعاقبة.

الالتهابات الفيروسية لبطانة الرحم

تشير بعض الدراسات إلى إمكانية تأثير العدوى الفيروسية مثل فيروس الهربس الموجود في بطانة الرحم في تعقيدات مثل العقم والإجهاض المتكرر. ومع ذلك، ما زالت هذه الفرضية تحتاج إلى المزيد من الدراسات والتأكيدات العلمية لتقديم دليل قاطع.

سرطان بطانة الرحم

يُطلق على هذا المرض اسم سرطان بطانة الرحم، حيث يصاحبه عادة نزيف غير اعتيادي مما يؤدي إلى تشخيصه المبكر. إذا بدأ العلاج في مراحله الأولية، يمكن الحفاظ على القدرة الإنجابية للمرأة.

تغيرات بطانة الرحم خلال الدورة الشهرية

الدورة الشهرية عند المرأة تعد عملية حيوية تمر بمراحل مختلفة وتتضمن تغييرات في بطانة الرحم. تختلف مدة هذه الدورة بين النساء، حيث قد تتراوح ما بين 21 و40 يومًا، لكن المدة الأكثر شيوعًا هي 28 يومًا. خلال هذا الوقت، تنقسم الدورة إلى ثلاثة أطوار رئيسية تتأثر بمستويات الهرمونات خاصة الإستروجين والبروجسترون.

الطور الأول هو طور الحيض، حيث تتساقط بطانة الرحم ويظهر الدم، ويستمر هذا من اليوم الأول إلى اليوم الخامس. يليه طور التكاثر من اليوم السادس إلى الرابع عشر، حيث تتجدد بطانة الرحم استعدادًا لاستقبال بويضة محتملة. الطور الأخير هو الطور الإفرازي، من اليوم الخامس عشر إلى اليوم الثامن والعشرين، حيث تكون البطانة مهيأة للحمل.

للنساء اللواتي لم يبدأن بعد في التجربة أو انقطع عنهن الحيض، تظل بطانة الرحم دون التغييرات الدورية المعتادة. هذه الأطوار الثلاثة تشكل دورة متكاملة تؤثر بشكل كبير على الصحة الجنسية والإنجابية للمرأة.

ما هي بطانة الرحم المهاجرة؟

تصاب بعض النساء بحالة طبية تُعرف باسم انتباذ بطانة الرحم، حيث يظهر نسيج يشبه بطانة الرحم في أماكن متفرقة من الجسم خارج تجويف الرحم، أبرزها مناطق الحوض مثل المبايض وقناتي فالوب والمثانة والأمعاء والمستقيم وداخل المهبل. يمكن أيضًا أن يتواجد هذا النسيج في أماكن غير تقليدية كالحجاب الحاجز والرئتين وحول السرة أو على ندبات قديمة في البطن.

يُعرف النسيج المتأثر بهذه الحالة بغرسات بطانة الرحم وهو يتأثر بتقلبات الهرمونات الجنسية خلال الدورة الشهرية كما تفعل بطانة الرحم الطبيعية.

هذا يؤدي إلى نمو وسمك النسيج تبعًا لمستويات الهرمونات. مع هبوط مستوى الهرمونات، يتآكل النسيج وينزف. ولكن، بما أن النزيف يحدث داخليًا، فلا يوجد منفذ لخروج الدم والأنسجة مما يسبب التهابًا وألمًا وتكون التصاقات في المنطقة المصابة.

إذا كان الانتباذ في المبايض، يمكن أن يؤدي إلى تكون ما يُعرف بأكياس الشوكولاتة، التي تحتوي على سائل بني اللون يشبه الشوكولاته بسبب مظهرها المميز.

تُعد هذه الحالة من المشكلات الصحية المنتشرة بين النساء في سن الخصوبة، وغالبًا ما تصيب اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 و44 عامًا.

تُعتبر من الأسباب المؤدية لتأخر الحمل أو حتى العقم إذا لم يتم التعامل معها في مراحلها المبكرة. أيضًا، الإصابة بين أفراد العائلة مثل الأم أو الأخت يمكن أن تزيد من احتمالية تطور المرض. وعادة ما تكون النساء اللواتي يعانين من دورات شهرية طويلة أكثر عرضة للإصابة بهذه الحالة.

اسباب بطانة الرحم المهاجرة

لا تزال أسباب مرض بطانة الرحم المهاجرة غير محددة بشكل دقيق، ولكن هناك عوامل متعددة تلعب دوراً في تطوره. من ضمن هذه العوامل، يبرز العامل الوراثي، حيث تشير الملاحظات إلى أنه يظهر بشكل ملحوظ بين أفراد العائلة الواحدة.

هناك تفسير يشير إلى أن أنسجة من البطانة الرحمية قد تتحرك عكسياً نحو قنوات فالوب خلال الدورة الشهرية بدلاً من أن تخرج من الجسم.

أضف إلى ذلك، يعتقد بعض الباحثين أن زيادة هرمون الإستروجين قد تسهم في تطور هذه الحالة. كما يدرس الباحثون تأثير الجهاز المناعي، إذ يمكن أن تتأثر المناعة الذاتية بإجراءات جراحية في الرحم قد تنتج عنها تشكيل ندبات، وتلك الندبات قد ترتبط بظهور بطانة الرحم المهاجرة.

اعراض بطانة الرحم المهاجرة

عندما تتطور بطانة الرحم المهاجرة، تزداد الأعراض سوءًا، وتتأثر بشكل رئيسي بموقع وشدة انتشار الأنسجة خارج الرحم. رغم ذلك، من الممكن أن تختلف التجارب بين النساء، حيث قد تخلو بعض الحالات، مثل وجود أكياس الشوكولاتة على المبايض، من أي أعراض.

من الشائع أن تُعاني المصابات من ألم شديد خلال فترات الطمث يبدأ قبلها بأيام ويستمر طوال الفترة، مختلفاً عن آلام الطمث الاعتيادية. كما تواجه بعض النساء دورات شهرية غير منتظمة وممتدة أكثر من المعتاد.

الألم قد لا يقتصر على فترة الطمث فقط بل يمكن أن يظهر أثناء الجماع، وفي الساقين، الظهر، وأسفل البطن. بالإضافة إلى ذلك، قد تُعاني النساء من الألم خلال فترة الإباضة.

النزيف الغزير، الذي قد يتضمن تجلطات، هو عرض آخر يمكن أن يستمر عدة أيام. يؤدي هذا الوضع للصعوبة في الحمل واحتمال الإصابة بالعقم، حيث تواجه من 30 إلى 40% من المصابات مشاكل في الخصوبة.

التأثيرات قد تمتد لأنظمة الجسم الأخرى مثل الجهاز البولي والهضمي، خاصة خلال الطمث، حيث قد تظهر أعراض مثل الألم عند التبول أو التبرز، وجود دم في البول أو البراز، إمساك أو إسهال، وأحياناً المغص، واحتمال حدوث انسداد في الأمعاء، أو النزيف من المستقيم.

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *