تجربتي مع توهم المرض
في إحدى الحالات، كانت سيدة في الأربعين من عمرها تعاني من توهم المرض لسنوات طويلة. كانت تشعر بأعراض جسدية متنوعة، مثل آلام في الصدر وضيق في التنفس، وتعتقد أنها مصابة بأمراض قلبية خطيرة.
على الرغم من أن جميع الفحوصات الطبية أكدت سلامتها، إلا أن القلق لم يفارقها. أدى ذلك إلى تأثيرات سلبية على حياتها الاجتماعية والمهنية، حيث كانت تتجنب الأنشطة التي تتطلب مجهوداً بدنياً خوفاً من تفاقم حالتها المزعومة.
في حالة أخرى، كان هناك شاب في الثلاثين من عمره يعاني من توهم المرض، حيث كان يعتقد أنه مصاب بمرض السرطان.
كانت هذه الأفكار تسيطر على عقله بشكل مستمر، مما دفعه إلى إجراء فحوصات طبية متكررة وزيارة أطباء متخصصين في مختلف المجالات. لم تكن النتائج الطبية تُظهر أي علامات على وجود مرض، ولكن القلق والتوتر كانا يزدادان يوماً بعد يوم.
اسباب وسواس المرض (توهم المرض)
الاعتقاد بالإصابة بمرض، رغم عدم وجود أسباب طبية واضحة، يعد حالة نفسية قد تظهر في أي مرحلة عمرية، ولكنها تكون أكثر شيوعًا بين الأشخاص في الفئة العمرية من 25 إلى 35 عامًا. مع التقدم في العمر، قد يزداد القلق حول الأمراض، خصوصًا تلك المتعلقة بالنسيان والذاكرة.
عوامل متعددة قد تسهم في تطوير هذا الشعور بالمرض، مثل سوء تفسير الإشارات الجسدية الطبيعية أو عدم فهم الأعراض البسيطة بسبب نقص المعلومات الطبية. كما أن تجارب مرضية سابقة خطيرة قد تزيد من الشعور بالقلق حيال الإصابة مرة أخرى بمرض مماثل.
وجود تاريخ عائلي مع الأمراض النفسية أو المزمنة يمكن أن يعزز من فرص الإصابة بهذا الوسواس. كذلك، تزداد المخاوف المتعلقة بالصحة مع تقدم العمر.
الأمراض النفسية مثل القلق، الاكتئاب، الذهان، أو الوسواس القهري تُعتبر من العوامل المساهمة أيضًا. الصدمات النفسية أو التجارب المؤلمة خلال مرحلة الطفولة مثل التعرض للعنف أو الإهمال، بالإضافة إلى الضغوط العاطفية الكبيرة كفقدان شخص عزيز، تلعب دورًا بارزًا في احتمالية تطور هذا الشعور بالمرض.
اعراض وسواس المرض (توهم المرض)
تشعر الشخصيات التي تعاني من وسواس المرض بالقلق الجامح بخصوص صحتهم، معتقدين أنهم ربما يكونون مصابين بأمراض خطيرة أو مهددين بالإصابة بها مستقبلًا.
هذا النوع من القلق يمكن أن يركز على أعضاء معينة مثل الرئتين، أو يتجه نحو خوف مفرط من أمراض معينة مثل السرطان أو الإيدز. يرافق هذا القلق إحساس مفرط بالخطر حتى في حالات الأعراض البسيطة وغير الخطرة كسيلان الأنف.
يمكن ملاحظة بعض السلوكيات المرتبطة بهذه الحالة، مثل التكرار المستمر لفحص الجسم بحثًا عن أي علامات مرضية، أو الاستفسار المتواصل عن الصحة والأمراض، وكذلك قضاء أوقات طويلة في تقصي المعلومات الطبية عبر الانترنت. كما يمكن أن يظهر خوف من التفاعل الاجتماعي وزيارة الأماكن العامة خشية التقاط العدوى.
الأشخاص المصابون بوسواس المرض يزورون الأطباء بشكل متكرر، وهم يشككون في نتائج الفحوصات الطبية السليمة ويستمرون في استشارة أطباء مختلفين للحصول على تأكيدات لا نهاية لها حول سلامتهم الصحية، بينما يتجنب البعض زيارة الطبيب من الأساس من دوافع الخوف من التشخيص السلبي.
علاج وسواس المرض (توهم المرض)
تختلف طرق معالجة هاجس الخوف من المرض باختلاف شدة المعاناة التي يعيشها الفرد. في كثير من الأحيان، يمكن مواجهة هذا النوع من الوسواس بالاعتماد على جلسات الدعم النفسي دون اللجوء للعلاجات الدوائية. ولكن في حالات أخرى قد يصبح من الضروري تناول أدوية معينة تكملة للعلاج النفسي لتحقيق نتائج أفضل.
العلاج النفسي
في مواجهة اضطراب قلق المرض، يشيع استخدام العلاج السلوكي المعرفي، الذي يهدف إلى تعديل أفكار المريض وطرق استجابته للمخاوف المرضية.
يساعد هذا النوع من العلاج المرضى على استبدال الأفكار السلبية بأخرى إيجابية، ويعلمهم أساليب صحية لمواجهة الأعراض بدلاً من استسلام للفحص المتكرر والسلوكيات القهرية.
يقوم العلاج السلوكي المعرفي بتحليل ومعالجة العقائد السلبية التي تساهم في القلق المفرط، ويشجع المريض على تبني نظرة أكثر تفاؤلاً تجاه الصحة العامة.
كما يتضمن العلاج تدريبات على التحكم في الأعراض واستخدام تقنيات الاسترخاء لتقليل التوتر، مما يسمح بتجنب التأثير السلبي للقلق على الحياة اليومية.
العلاج الدوائي
في حالات توهم المرض النفسي، لا يوجد علاجات محددة مخصصة لهذه الحالة. لكن، يمكن للأطباء أن يوصوا بعقاقير تخفف من التوتر وتساهم في جعل المريض أكثر هدوءًا.
من بين هذه الأدوية، تبرز مضادات الاكتئاب كخيار شائع للتعامل مع الأعراض، حيث تشمل أدوية مثل الفلوكستين والدولوكستين، وغيرها، التي تعمل على تحسين الحالة المزاجية وتقليل الشعور بالقلق.