تجربتي مع مرض كرون

تجربتي مع مرض كرون

على سبيل المثال، تحدثت إحدى المريضات عن تجربتها مع مرض كرون، حيث بدأت الأعراض تظهر عليها في سن مبكرة، مما أدى إلى تأخر تشخيص حالتها بسبب تشابه الأعراض مع أمراض أخرى. بعد التشخيص، بدأت رحلة طويلة من العلاجات المختلفة، بما في ذلك الأدوية البيولوجية التي ساعدتها في التحكم بالأعراض إلى حد ما.

ومع ذلك، لا تزال تواجه تحديات يومية مثل ضرورة اتباع نظام غذائي صارم وتجنب الأطعمة التي قد تهيج الأمعاء. من ناحية أخرى، تحدث مريض آخر عن تجربته مع الجراحات المتكررة نتيجة لتفاقم الحالة، حيث اضطر إلى إجراء عدة عمليات لاستئصال أجزاء من الأمعاء المتضررة.

على الرغم من التحديات الكبيرة، أشار إلى أهمية الدعم النفسي والاجتماعي من العائلة والأصدقاء في مساعدته على التعامل مع المرض.

بشكل عام، تتطلب إدارة مرض كرون نهجًا متعدد الجوانب يشمل العلاج الطبي، والدعم النفسي، وتعديل نمط الحياة، مما يؤكد على أهمية التشخيص المبكر والرعاية المستمرة لتحسين جودة حياة المرضى.

أنماط مرض كرون

مرض كرون يظهر بأشكال متنوعة ومتعددة، حيث يمكن تصنيفه إلى أربعة أنماط رئيسية تختلف في تأثيراتها وأعراضها.

1. الصورة الالتهابية

عادة ما يشعر المصاب بألم في الركن الأيمن السفلي من البطن يصاحبه اضطرابات في الجهاز الهضمي كالإسهال، إلى جانب تعرضه لارتفاع في درجة الحرارة وفقدان ملحوظ في الوزن.

2. الصورة الانسدادية

تعاني من آلام في البطن وتورم بعد تناول الطعام، بالإضافة إلى الشعور بالإمساك والغثيان، وأحيانًا القيء، وكذلك فقدان الوزن.

3. صورة الانثِقاب المغطّى المخفيّ

تتشابه علامات هذه الحالة مع الأعراض التي قد تظهر عند الإصابة بالتهاب الزائدة الدودية أو التهاب الرتج، كما قد تحدث في حالة تكوّن ناسور.

4. اتصال بين عروة معويّة (Intestinal loop) مع عضو آخر

يعاني المريض في هذه الحالات من تسريب يصل إلى الجلد أو الجهاز البولي أو الجهاز التناسلي، وتكون هناك دلائل محتملة للعدوى. نتائج التحاليل المخبرية تكشف وجود التهاب طويل الأمد، وقد يلاحظ ارتفاع في سرعة ترسب الكريات الحمراء أو ظهور أعراض فقر الدم وانخفاض مستوى البروتينات في الجسم.

الاضطرابات التي يُسببها مرض كرون خارج الأمعاء

داء كرون لا يقتصر تأثيره على الجهاز الهضمي فحسب، بل قد يؤثر أيضًا على أجزاء أخرى من الجسم. هذه المضاعفات تشمل التهاب بالجلد، آلاماً في المفاصل، ومشكلات تصيب العيون.

كما قد يرافق الحالة تكون حصوات على مستوى الكلى والمرارة، فضلاً عن تعقيدات قد تطرأ على وظائف الكبد. بالإضافة إلى ذلك، يعزز مرض كرون من فرص الإصابة بأنواع معينة من سرطان الأمعاء، بما في ذلك سرطان القولون وأنواع سرطان الأمعاء الدقيقة.

أعراض مرض كرون

تختلف شدة الأعراض المرتبطة بداء كرون؛ فقد تكون خفيفة أو شديدة، وغالباً ما تتطور تدريجيًا ولكن يمكن أن تحدث فجأة.

من العلامات الشائعة لداء كرون ما يلي:

الإسهال

عندما يصيب مرض كرون الأمعاء، ينتج عنه التهاب يجعل خلايا الأمعاء في المناطق المتأثرة تفرز كميات كبيرة من المياه والأملاح. نتيجة لذلك، تعجز الأمعاء عن امتصاص هذه السوائل الزائدة بفعالية، مما يؤدي إلى حدوث الإسهال.

كما تؤدي التقلصات المعوية الشديدة إلى تكوين براز طر للغاية، وفي الحالات الأخف، قد يظهر البراز بقوام أطرى من المعتاد وبتكرار أكثر. الأفراد الذين يعانون من الأعراض الحادة لداء كرون قد يجدون أنفسهم مضطرين للذهاب إلى الحمام حتى 12 مرة في اليوم، الأمر الذي يؤثر سلباً على نوعية نومهم وعلى أنشطتهم اليومية.

أوجاع بطن وتشنّجات

تؤدي الالتهابات والجروح في الأمعاء إلى تورم الجدار المعوي، مما قد يؤدي إلى تكون الندوب هناك. هذه الندبات قد تعيق حركة المواد داخل الأمعاء، ما يتسبب في حدوث آلام وتقلصات معوية.

شعور غير مريح

يؤدي مرض كرون عندما يكون في مستوياته المتوسطة إلى إحساس بعدم الراحة يمكن أن يكون بسيطاً أو متوسطاً. ومع تفاقم شدة المرض، تزداد حدة الألم، وقد يرافق ذلك شعور بالغثيان وحدوث القيء.

دم في البراز

عندما يمر الطعام خلال الأمعاء، قد يؤدي ذلك إلى حدوث نزيف في المناطق المتهيجة أو شديدة الالتهاب داخل الأمعاء نفسها. نتيجةً لذلك، قد يلاحظ الشخص بقعًا من الدم ذو لون أحمر فاتح قرب حافة المرحاض أو دمًا أحمر داكن مختلطًا مع البراز. في بعض الأحيان، قد يكون الدم غير مرئي ومخفي بين مكونات البراز.

التقرحات

تتطور أعراض مرض كرون من خلال ظهور جروح صغيرة متباعدة تظهر على سطح الأمعاء. مع مرور الوقت، تتوسع هذه الجروح لتصبح قرحات كبيرة تخترق أعماق جدران الأمعاء، وقد تمتد أحيانًا إلى خارج هذه الجدران. من الممكع أن تظهر قرح مشابهة للفطريات في الفم.

من الأعراض الشائعة لهذا المرض فقدان الشهية والوزن، حيث تؤدي الآلام البطنية والتشنجات والالتهاب في جدار الأمعاء إلى تأثير سلبي على القدرة على تناول الطعام وهضمه وامتصاص المغذيات منه.

نواسير وخُراج

مرض كرون قد يؤدي إلى تكوّن ممرات غير طبيعية تعرف بالنواسير، والتي تصل بين الأمعاء وأعضاء مختلفة كالمثانة أو عنق الرحم.

هذه الحالة قد تسبب أيضًا في تشكيل خراجات هي بمثابة تجمعات صديدية تحت الجلد. بالإضافة، قد تظهر النواسير في منطقة حول الشرج حيث تسمى هنا بنواسير العجان، وتتسبب في معاناة للمصابين.

أسباب مرض كرون

ما زال الغموض يكتنف الأسباب المؤدية لتجدّد الالتهاب المرتبط بمرض كرون. العلماء غير قادرين على التأكيد بأن الإجهاد العصبي أو العادات الغذائية هي المحركات الأساسية لهذه الحالة، رغم أن هذين العاملين قد يسهمان في تفاقم الأعراض.

تبرز عدة عوامل قد تلعب دوراً في ظهور مرض كرون، وفيما يلي بعض الأسباب المحتملة للإصابة بهذا المرض:

ردود فعل الجهاز المناعيّ

يُشير البحث العلمي إلى أن بعض الفيروسات أو البكتيريا قد تكون مسؤولة عن تحفيز مرض كرون. تتفاعل هذه الكائنات مع الجهاز المناعي الذي يقاومها، مما قد يؤدي إلى الالتهابات في الجهاز الهضمي.

من المحتمل أن تكون البكتيريا السبب في هذه الحالة، خاصة نوع يُعرف ببكتيريا سل البقر، والتي عادة ما تصيب الأبقار وتسبب لها أمراضًا في الأمعاء.

تُظهر الدراسات أن هذه البكتيريا تُوجد في دم معظم مرضى كرون وكذلك في حالات بعض مرضى التهاب القولون التقرحي، رغم أنه لا يوجد دليل حاسم على أنها السبب المباشر لمرض كرون. يرجّح بعض العلماء وجود عامل وراثي يجعل ردة فعل الجسم تجاه هذه البكتيريا شاذة في بعض الأشخاص.

يعتقد الكثير من الباحثين أن مرض كرون قد ينجم عن تفاعل غير ملائم من الجهاز المناعي تجاه بكتيريا معينة موجودة بشكل طبيعي في الأمعاء.

أسباب وراثية

تظهر الدراسات أن نسبة 20% من المعانين من مرض كرون ترتبط عائلاتهم بالمرض، حيث يكون أحد الأقارب الدرجة الأولى مثل الوالدين أو الأخوة أو الأبناء قد تأثر بالمرض أيضاً.

أظهرت الأبحاث وجود تغييرات جينية، خصوصًا في جين يُعرف باسم نود 2، تعزى إلى هذه الحالات، ما يشير إلى دور هذه المتغيرات الجينية في ظهور المرض مبكرًا واحتمال عودته بعد المعالجات الجراحية. العلماء ما زالوا يستكشفون تأثير هذه الجينات على تطور مرض كرون لفهم أعمق لأسبابه وتطوير طرق علاجه.

مضاعفات مرض كرون

مرض كرون قد يسبب عدة مشاكل صحية معقدة، منها تضيق مجرى الأمعاء الذي يعيق حركة الطعام. قد تتشكل أيضًا قرح في جدار الأمعاء، وقد يتطور الأمر إلى تكون نواسير تربط بين أجزاء من الأمعاء أو بين الأمعاء وأعضاء أخرى، ما يؤدي إلى تسريب محتويات الأمعاء.

هذه النواسير، خصوصًا الداخلية منها، قد تسبب نقصاً في العناصر الغذائية الضرورية. النواسير الخارجية تسبب الالتهاب في بعض الأحيان ويمكن أن تؤدي إلى تكون خراج. بالإضافة إلى ذلك، يزيد مرض كرون من خطر الإصابة بسرطان الأمعاء الغليظة، ورغم أن هذا يظل نادر الحدوث إلا أنه خطر يستوجب الانتباه.

علاج مرض كرون

تُستخدم عدة طرق للعلاج، منها:

1. دواء الأمينوساليساليت (Aminosalicylate)

يُعدُّ هذا العقار خيارًا مناسبًا في المراحل المبكرة من مرض كرون، حيث يتراوح الحال بين الخفيفة والمعتدلة، ويتم تعاطيه عن طريق الفم بمقدار 4 غرامات يوميًا. في حالة تحسّن الحالة الصحية للمريض واستجابته للعلاج بشكل إيجابي، من الضروري استمرار العلاج بنفس الجرعة لضمان استقرار الحالة.

في المقابل، إذا لم يُجدِ هذا النوع من العلاج نفعًا، يصبح من اللازم تحول العلاج إلى استخدام الستيرويدات كخطوة تالية للعلاج.

2. العلاج بالستيرويدات

يُستخدم العلاج بالستيرويدات، مثل البريدنيزولون، في السيطرة على داء كرون، إما عن طريق الفم أو الحقن الوريدي حسب شدة الحالة. نظرًا للآثار الجانبية التي قد تصاحب استخدام هذه الأدوية، يجري الباحثون دراسات لتطوير أنواع جديدة من الستيرويدات تقلل من هذه الآثار.

من بين الستيرويدات الصناعية، يبرز البوديسونيد كخيار فعال يوازي البريدنيزولون في تأثيره على داء كرون عند جرعة ٩ ملليغرام يوميًا مقابل ٤٠ ملليغرام يوميًا من البريدنيزولون، ولكن بآثار جانبية أخف.

إذا لم تُجدِ الستيرويدات نفعًا في تحكم داء كرون، أو إذا بدأ المريض يظهر علامات الاعتماد عليها، يتم التوجه نحو استخدام الأدوية المُثبطة للمناعة مثل الأزاثيوبرين، التي تحقق السيطرة على نشاط المرض بنسبة تصل إلى ٧٥٪ خلال ثلاثة أشهر.

هذه الأدوية، بالإضافة إلى فعاليتها في المعالجة الأولية، تساهم أيضًا في خفض الحاجة للستيرويدات وتلعب دورًا في إغلاق النواسير والحفاظ على الهدوء من نشاط المرض.

3. المضادات الحيوية

أظهرت الأبحاث فاعلية استخدام مترونيدازول في التصدي لمشكلات الالتهابات المحيطة بالمنطقة الشرجية لمرضى كرون، وخصوصًا عندما يتعلق الأمر بالأمعاء الغليظة، إضافةً إلى دوره في الحفاظ على الاستقرار الصحي بعد إجراء العمليات الجراحية.

الجرعة الموصى بها من هذا الدواء تقدر بـ٢٠ ملليغرام لكل كيلوغرام من وزن الجسم يوميًا، لكن يواجه بعض المرضى صعوبات في تحمل هذه الجرعة بسبب الأعراض الجانبية مثل الغثيان والطعم المعدني الذي قد يظهر في الفم.

كما تم التوصل إلى أن سيبروفلوكساسين، وهو نوع آخر من المضادات الحيوية، يعد فعّالاً في علاج الإصابات بمنطقة حول الفتحة الشرجية أثناء فترات تفاقم المرض. هذه المعلومات ترشد إلى أهمية وفعالية المضادات الحيوية في تقديم العلاج والحد من مضاعفات مرض كرون.

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *