آخر الخلفاء العباسيين، لقد نشأت الدولة العباسية بمقتل مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية وبسقوط الدولة الأموية، وقد استطاع العباسيون إقامة دولة كاملة وعلى مساحة جغرافية كبيرة، وكان من آخر الخلفاء العباسيين الذين تولى الخلافة وكان له أثر كبير في الدولة أبو أحمد عبد الله المستعصم بالله بن المستنصر، والذي سنسرد كم كبير من المعلومات عنه في هذا المقال.
المستعصم بالله
يعد المعتصم بالله آخر خليفة عباسي كان معروف بحبه لفعل الخير حيث قام بالتصدق حين الوبائ الشديد الذي أصاب العراق، كما اشتهر بعفة لسانة وإتقانه لتلاوة القرآن الكريم وتجويده، وكانت مبايعته في جمادى الآخرة من سنة 640 من الهجرة، وكان يبلغ من العمر حينها ثلاثون سنة وأول من بايعه للخلافة أولاد عمه وبني العباس ثم الوزراء والأمراء والقضاة والعلماء والفقهاء.
موت المستعصم بالله
لقد كان المستعصم بالله ضعيف الرأي غير ملم بحقائق الأمور فى دولته منصرفا إلى اللهو واللعب وقد استولى عليه أصحابه من المنافقين، فكانوا يهونون خطر المغول فى نظره فتكاسل عن الاستعداد لمواجهة الخطر الداهم، فقام هولاكو بإرسال رسالة إلى المستعصم من مدينة همزان ينذره فيها بالحرب إذا لم يستسلم ويعلن خضوع دولته للمغول فلما لم يتلق جوابا مرضيا خلال شهرين سار إلى بغداد بجيش يزيد على ثلاثين ألف فارس وقد خرج إليه المستعصم بالله على أمل التوصل معه إلى اتفاق ولكن هولاكو قتله وأولاده.
وقد اختلف المؤرخين في طريقة موت المستعصم بالله فبعضهم يذكر أنه مات خنقا بوضعه في كيس ورفسه حتى لفظ أنفاسه، وقيل أنه غرق في نهر دجلة، وذلك لأن المغول لا يسفكون دماء الملوك والأكابر لذا قُتل بهذه الطريقة.
ويقع قبر المستعصم بالله في منطقة الأعظمية ببغداد، وكشف عن قبر المستعصم أخر الخلفاء العباسيين عام 1993 وفي عام 2005 قررت الأوقاف إقامة مسجد ليصبح مسجد وقبر.
اعتلاء المستعصم بالله العرش
أن الخليفة العباسي المستعصم بالله (640- 656هـ/ 1242- 1258م) لم يكن المؤهل والمرشح للخلافة وأن اعتلائه العرش كان بفعل أياد خفية أبعدت الأمير الخافجي المستحق لمنصب الخلافة، وهذا الأمير كان ذكيا شجاعًا، كان على دراية بتطور التمدد المغولي في شرق العالم الإسلامي من بخارى وسمرقند حتى مشارف، وقد أجبر أعمام المستعصم بالله على مبايعته إذ أنه لم يكن مرغوبا فيه من الأسرة العباسية ذاتها لوهنه وضعفه.
حيازة المستعصم بالله لبغداد
لقد حاز المستعصم بالله بغداد بعد موت والده المستنصر بالله عام 1258، فكانت مدة حكمه لبغداد بين عامي 1242 و 1258، إلى أن غزى المغول الدول العباسية بقيادة هولاكو خان والتي سقطت على يده الدولة العباسية بقتله الخليفة المستعصم بالله والسيطرة على بغداد.
آثار وفاة المستعصم بالله
لقد زحف هولاكو خان قائد التتار إلى بغداد بعد إرسال ابن العلقمي وزير المستعصم بالله له باحتلال بغداد، جمع ابن العلقمي سادات وعلماء بغداد إلى هولاكو وقام بقتلهم جميعا إلا المستعصم بالله حتى يدلهم على أماكن المال والغنائم ومن ثم قاموا بقتله رفسا سنة 656 هجريا، وبموته سقطت بغداد في يد التتار وانقرضت دولة بني العباس في العراق، فاجتاحت جيوش المغول بغداد آكلة الأخضر واليابس، بعدما عجزت الجيوش العباسية عن حماية عاصمة الخلافة فوقعت فريسة بين أيدي المغول الذين أذاقوا أهلها المر وأغرقوا الشوارع بدمائهم.
إرث المستعصم بالله
لقد ورث المستعصم بالله دولة وخلافة قوية في بغداد حيث كان تتمتع حينها بموقعها الرئيسي لطرق التجارة البرية بين آسيا وروسيا، وقد قامت الدولة العباسية واستمرت في الحكم مدة وصلت إلى خمسة قرون من الزمن، وقسمت الدولة العباسية إلى عصرين فكانت في بدايتها دولة قوية ومزدهرة حتى الخليفة الواثق بن المعتصم، أما العصر الآخر فقد كان عصر التدهور والانحلال والذي كان منذ حكم الخليفة المتوكل على الله وحتى سقوط الدولة العباسية على يد التتار وقتل المستعصم بالله.
مشروع استكشاف مجموعات الفن الإسلامي
لقد زخر التاريخ الإسلامي على مدى العصور خاصة الدولة العباسية بالمقتنيات الزجاجية والمعدنية المنقوشة والتي تعبر عن الازدهار الذي كان يعيش به المسلمين، وفي العصر الحديث قد تم نشر فاعليات مشروع استكشاف مجموعات الفن الإسلامي وجمع المقتنيات الإسلامية في متحف والحفاظ عليها من التلف أو الضياع ولتبقى للأجيال القادمة ويستشعروا عظمة الدولة الإسلامية قديما.
التمثيل الفني للمستعصم بالله
لقد ورد عن المؤرخون الصفات الحسنة التي كان يتمتع بها المستعصم بالله بالرغم من ضعف عهده وعدم قدرته على حماية الدولة والخلافة العباسية، حيث اشتهر بحسن الخلق، وسلامة الصدر، فقد كان كريما، حليما، سليم الباطن، حسن الهيئة، كما ورد عنه أنه عزم على عدم السير على طريقة من سبقه من الخلفاء في حبس أولادهم وكبار الأسرة العباسية للاستيلاء على الحكم.
استنتاج
مما سيق يمكن استنتاج مدى أهمية اقتران الثقافة بالقوة لإدارة البلاد، حيث كان المستعصم يحمل العديد من الصفات الجيدة وكان يحب القراءة لكنه كان ضعيفا وغير ملم بشؤون رعيته ومستهينا بعدوه بالإضافة إلى اعتماده على أعوان غير أكفاء ومنافقين، وهذه كانت الأسباب التي أدت إلى سقوط الدولة العباسية.
