تجربتي مع الفصام
أود أن أشارككم تجربتي مع الفصام، وهي تجربة كانت مليئة بالتحديات والدروس المستفادة. الفصام هو اضطراب عقلي يؤثر على كيفية تفكير الشخص، ويشعر ويتصرف.
يمكن أن يكون له تأثير كبير على الحياة اليومية للشخص، بما في ذلك العلاقات الشخصية والعمل. في بداية رحلتي، واجهت العديد من الصعوبات، بما في ذلك الهلوسة والأوهام، والتي جعلت التمييز بين الواقع والخيال أمراً صعباً.
مع مرور الوقت، وبفضل الدعم الكبير من عائلتي وأصدقائي، بالإضافة إلى المتابعة المستمرة مع الأطباء المختصين، بدأت رحلة العلاج. لقد كانت عملية طويلة وشاقة، تتضمن العلاج الدوائي وجلسات العلاج النفسي. ومع ذلك، كان لهذا النهج تأثير إيجابي كبير على حالتي، حيث بدأت ألاحظ تحسناً تدريجياً في قدرتي على التعامل مع الأعراض وإدارة الحياة اليومية بشكل أفضل.
أحد الدروس الرئيسية التي تعلمتها خلال هذه التجربة هو أهمية الصحة النفسية وضرورة التحدث عنها بشكل مفتوح وبدون وصمة عار. الفصام، مثل أي مرض آخر، يحتاج إلى الفهم والدعم، وليس الخوف أو الحكم. كما أدركت أهمية الصبر والمثابرة في مواجهة التحديات الصحية، وأن الأمل والإيمان بالنفس عناصر أساسية في عملية الشفاء.
ما هو الفصام(ألشيزوفرينيا) ؟
الاضطراب النفسي المعروف بالفصام يؤثر على حوالي 1% من السكان العالمي. يحدث هذا الاضطراب عند الذكور والإناث بمعدلات متساوية، وقد لوحظ أنه يتزايد في المناطق الحضرية وبين بعض المجموعات العرقية.
غالباً ما يظهر بعد سن الخامسة عشر، ويرتفع معدل الإصابات بين من هم في أعمار 15 إلى 35 سنة. أما عن الأعراض، فهي تنقسم إلى فئتين: أعراض إيجابية وأعراض سلبية. الأعراض الإيجابية تشمل تجارب غير واقعية كالهلوسة، وهي تجعل الشخص يرى، يسمع، يشعر، أو يشم أشياء ليست موجودة في الواقع.
الهلوسة السمعية، مثل سماع أصوات لا وجود لها، هي من بين الأكثر شيوعاً في الفصام، حيث يمكن للشخص سماع أصوات قد تبدو له حقيقية تماماً وكأن مصدرها العالم الخارجي. قد تتحدث هذه الأصوات مع المصاب مباشرةً أو تذكره في حديث بينها. تجربة الهلوسة قد تكون ممتعة أحياناً لكنها في كثير من الأوقات تبعث على القلق والضيق بسبب سلبيتها أو الكلام الجارح.
التشخيص
لا يمكن تشخيص مرض انفصام الشخصية بوسيلة فحص معينة. عوضاً عن ذلك، يعتمد التشخيص على تقييم دقيق يجريه مختص بالصحة النفسية، يقوم خلاله بالاستماع لوصف المريض لأعراضه والتأكد من أن هذه الأعراض لا تعود لأسباب أخرى مثل استهلاك المواد المخدرة.
يتم الاعتماد على التشخيص الدقيق إذا:
– خلال شهر على الأقل، عانى المريض من واحدة أو أكثر من الحالات مثل: الأوهام، الهلوسة، سماع أصوات غير موجودة، كلام مبهم، أو تراجع في النشاط.
– هذه الأعراض أثرت بشكل كبير على قدرته على القيام بوظائفه سواء في العمل، الدراسة، أو الأنشطة اليومية.
– تم استبعاد كل الأسباب الأخرى المحتملة لهذه الأعراض، مثل الإدمان على المخدرات أو الاضطرابات الأخرى كالاضطراب ثنائي القطب.
تعتبر هذه الخطوات أساسية في عملية التشخيص، مما يساعد في تحديد العلاج المناسب والبدء فيه في أقرب وقت ممكن.
أسباب الفُصام
ترتبط أسباب الإصابة بالفصام بعدة عوامل لم يتم فهمها بالكامل بعد. يعتقد العلماء أن الجمع بين الجينات التي يرثها الشخص والظروف البيئية التي يعيش فيها يمكن أن يؤثر على تطور هذا المرض. يُعزى الفصام أساسًا لتغيرات في تركيب ووظائف الدماغ، وقد يكون للتجارب المؤلمة أو تعاطي المواد المخدرة دور في زيادة خطر الإصابة به.
من العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بالفصام نجد:
1. الوراثة: وجود تاريخ عائلي للمرض يزيد من فرص الإصابة.
2. التعرض لمشاكل صحية قبل الولادة، أثناءها، أو بعدها، مثل إصابة الأم بالأنفلونزا خلال الحمل، مشاكل في الحصول على الأكسجين أثناء الولادة، ولادة الطفل بوزن منخفض، أو عدم توافق فصيلة دم الأم مع فصيلة دم الطفل.
3. التعرض لعدوى الدماغ.
4. تعاطي مادة القنب في مرحلة المراهقة.
يُظهر الأشخاص الذين لديهم والد أو أخ مصاب بالفصام احتمالية أكبر للإصابة بهذا المرض، حيث تصل نسبة الخطر فيهم إلى حوالي 10% مقارنة بنسبة 1% في السكان العامة. في حالة التوائم المتطابقة، إذا أُصيب أحدهم بالفصام، فإن احتمال إصابة الآخر يرتفع إلى 50%. هذه الإحصائيات تبرز دور الوراثة في الإصابة بالفصام.
علاج الفُصام
علاجات مرض الفصام تستهدف تقليل حدة الأعراض المرضية، الوقاية من تجددها، وتحسين قدرة المرضى على الأداء اليومي. من المهم جدًا أن يتم تشخيص مرض الفصام في مراحله الأولى والبدء في العلاج فورًا لضمان نتائج أفضل.
ضمن العلاجات المستخدمة، تأتي الأدوية المضادة للذهان بالإضافة إلى جلسات الدعم النفسي وبرامج إعادة التأهيل. كما يساهم دعم أفراد الأسرة من خلال تعليمهم حول كيفية التعامل مع الأعراض والعلاج في تحسين رعاية المرضى.
علاوة على ذلك، يُعَد تلقي الرعاية المنسقة والمخصصة، التي تشمل التدريب على التكيّف مع الظروف، العلاج الفردي والجماعي، كذلك معالجة التحديات الإدراكية وتحسين فرص العمل، عنصرًا أساسيًا في سبيل تحقيق تعافي شامل يشمل الجوانب النفسية والاجتماعية للمريض.
الأدوية المُضادَّة للذهان
تُساهم العقاقير العلاجية المعروفة بقدرتها على مقاومة الذهان في تخفيف أو إزالة أعراض مرض الفصام، كالهلاوس والأفكار الزائفة والارتباك في التفكير. استمرار تناول هذه العقاقير يعزز كثيرًا من فرص تجنب تجدد هذه النوبات مستقبلاً.
رغم ذلك، هذه العقاقير قد تسبب بعض الأعراض الجانبية مثل الشعور بالنعاس، تصلب العضلات، الرجفة، والحركات غير الإرادية، زيادة الوزن، والشعور بالقلق. الجيل الجديد من عقاقير مضادات الذهان، الموصوفة بشكل أوسع اليوم، يُعد أقل مسببًا لمثل هذه الأعراض، خصوصًا تصلب العضلات والرجفة، مقارنةً بالعقاقير القديمة.
برامج إعادة التأهيل وأنشطة الدعم الاجتماعي
تسعى البرامج المخصصة لإعادة التأهيل والمساندة، كالتدريب المهني أثناء الخدمة، إلى إكساب الأفراد الأساسيات اللازمة لحياة مستقلة خارج أسوار مراكز الرعاية.
هذه الأساسيات تشمل القدرة على العمل، التسوق، الاعتناء بالنفس، إدارة المنزل، والتواصل الفعّال مع الآخرين، مما يفيد بشكل خاص الأشخاص المعانين من اضطراب الفصام.
أما مجموعات الدعم المجتمعي، فهي توفر خدمات تهدف إلى دعم استقلالية المصابين بالفصام قدر الإمكان. من بين هذه الخدمات توفير سكن بإشراف، أو منازل جماعية يكون فيها مقدم الرعاية متواجدًا لضمان تناول الأدوية بشكل صحيح، أو للمساعدة في الأمور المالية، بالإضافة إلى الزيارات الدورية لمنازل الأفراد.
قد يستلزم الأمر اللجوء إلى المستشفى لفترات خلال النوبات الحادة، وقد يكون هناك ضرورة للدخول الإجباري إلى المستشفى في حال كان الفرد يشكل خطرًا على نفسه أو الآخرين. الغاية من كل هذه التدابير هي دمج الفرد مع مجتمعه.
علينا الإشارة إلى أن هناك نسبة محدودة من المصابين بالفصام قد لا يكون بإمكانهم العيش بشكل مستقل، ربما بسبب شدة الأعراض أو عدم الاستجابة للعلاج الدوائي، وهؤلاء غالبًا ما يحتاجون لرعاية مستمرة طوال اليوم في بيئة آمنة ومساندة.
بالإضافة إلى ذلك، تقدم مجموعات الدعم والمشورة، كـ”التحالف الوطني للأمراض النفسية”، دعمًا مهمًا للعائلات.
المُعالجة النفسيَّة
يعد الدور الذي يلعبه العلاج النفسي في علاج الفصام متعدد الأوجه. على الرغم من أنه لا يزيل الأعراض مباشرة، إلا أن إقامة علاقة تعاونية بين المصابين بالفصام، أسرهم، والمعالج يمكن أن تكون خطوة مساعدة.
هذه العلاقة تسهل على المرضى فهم مرضهم بشكل أفضل وتعلم كيفية التعايش معه، مثل الالتزام بالأدوية الموصوفة وإدارة الضغوط التي قد تزيد من سوء الحالة. الثقة والتفاهم بين المريض والطبيب تلعب دورًا حاسمًا في نجاح العلاج.
كما أن دمج الأسر في عملية العلاج يعتبر جزءًا مهمًا؛ حيث قد تقدم لهم وللمصاب دورات توعوية تشرح طبيعة الفصام وكيفية التعامل مع تحدياته. من خلال التركيز على تعليم مهارات التكيف، يمكن لهذه البرامج أن تقلل من فرص حدوث انتكاسات. الهدف هو تمكين المصابين بالفصام وأسرهم من التعايش مع الحالة بطريقة صحية وإيجابية.
ماهي ردود افعال الأشخاص عند سماع الاصوات؟
في بعض الأوقات، قد تجد نفسك مضطرًا للإصغاء والعمل بناءً على ما تمليه عليك الأصوات في رأسك، حتى إذا كان ذلك يعني الإضرار بنفسك أو القيام بأمور تعرف أنها ليست صواب. في كثير من الأحيان، قد تستطيع أن تتجاهل هذه الأصوات، لكن في بعض الأحيان، قد تسبب لك شعوراً بالحزن. يتساءل الكثير عن مصدر هذه الأصوات. في الحقيقة، هذه الأصوات تنبع من العقل نفسه.
الدراسات التي أجريت على الدماغ كشفت أن الجزء الذي ينشط عند سماعنا لهذه الأصوات هو نفسه الجزء الذي يعمل عندما نتحدث أو عندما تتشكل الأفكار ككلمات في عقولنا. يبدو أن الدماغ يفسر الأفكار الخاصة بنا على أنها أصوات حقيقية تأتي من العالم المحيط بنا.
مضاعفات الفصام
إذا لم يُعالج، قد يؤدي إلى عقبات جدية تتداخل مع جوانب الحياة المختلفة:
– ضعف القدرة على إدارة المسؤوليات اليومية بشكل ذاتي.
– اللجوء إلى الكحول أو مواد مخدرة أخرى.
– التأثيرات السلبية للعلاجات، مثل مشاكل في التحكم بالحركة.
– الأفكار والمحاولات نحو الانتحار.
– السلوكيات العدوانية.