ما حكم السحر؟ هذا السؤال يراود الأشخاص الذين يعتبرون أن السحر حل لكل مشاكلهم وباب للفرج، ولكن هذا الاعتقاد خاطئ تمامًا، وفي هذا المقال سوف نتعرف على حكم المسلم لاستخدامه السحر.

ما حكم السحر؟
بعض الأشخاص يذهبون وراء أحاديث العامة، ويتأثرون مما يُقال، ولذا على الفرد أن ينتبه لما يُقال، ولذا آتينا في هذا المقال تعريف السحر وحكمه في الشريعة الإسلامية وعقوبته كذلك الفرق بين أنواعه، وبالتالي من الأفضل أن يقرأ الزائر هذا المقال بتمعن لما فيه أحكام تخص دينه والتي لا بُد له ألا يتخطاها.
ما تعريف السحر؟ وما حكمه؟
هناك أكثر من تعريف يحظى به السحر ولأنه أمر مهم وموضوع شائك لكثرة تداوله على لسان البعض، فسوف يتم تعريفه كالآتي.
التعريف
طبقًا للغة
يُقال أن السحر عبارة عن كل شيء خُفيّ سببه؛ حيث أن هناك تأثيرًا على الناس ولكن لا يكون تأثيرًا ماديًا يُرى، بل يكون معنويًا أكثر منه.
طبقًا للاصطلاح
يُقال على السحر أنه عزائم تؤثر في القلب والبدن، وتسلب العقل، كذلك قد يتولد من خلاله الحب والكره، وأنه قد يفرق بين المرء وزوجه.
الحكم
حكم السحر بجميع أنواعه مُحرم وقد كون كفرًا بالله، استدلالًا بالآية الكريمة: “واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق”.
ما حكم عمل السحر للزوج؟
هناك امرأة تساءلت عن ما حكم السحر للزوج؟ واتضح أنه محرم تمامًا لأن السحر عامةً به شرك بالله فلا ينبغي عليها أن تقضي حوائجها من خلال فعل لا يرضى عنه المولى (عز وجل) ولذا مهما كانت نيتها سليمة والتي كانت بغرض زيادة المحبة فهذا عمل مشين وطالح ولا ينفعها في شيء.
وهذا بسبب أن السحر من أكثر الكبائر إثمًا لما يترتب عليه من آثار نفسية سيئة بالإضافة إلى استلاك المال وإهداره كثيرًا لأن الساحر -على الأغلب- يكون شخصًا نصابًا، ويُستدل على كفر الشخص الساحر من خلال الآية الكريمة: “وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ “.
ما حكم سحر التأثير؟
لكي يتمكن المرء ما حكم السحر من نوع التأثير عليه أن يعرف ماهيته، ويكون هذا السحر عبارة عن استخدام بعض التعويذات والكلام الغير المفهوم الذي يتم تلقيته من الشياطين والجن مما يؤدي إلى تأثر الأشخاص بهم ويتر في نفوسهم أثرًا أغلبه سيئًا.
مما سبق نستنتج أن حكم التأثير عبارة عن كفر وشرك بالمولى (سبحانه) وهذا لأنه يستمد من الواقع ويعطي للناس الحقائق بصورة خاطئة، وبالتالي تترك في النفوس أثر مؤذي يجعل المرء في أسوء نسخة منه.
ما حكم حل السحر بسحر مثله؟
القناعة والاقتناع والإيمان بالله يجعل الفرد يتأكد من أن حلّ السحر بسحر مثله غير صحيحة بالمرة، وهذا لأنه مقتنع بأن النفع والضر بيد الله طبقًا لقول الرسول (عليه أفضل الصلاة والسلام):
“يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ”.
وبالتالي لا ينقض السحر إلا بالإيمان بالله والثقة به والتي تكون موضعها في القلب مع ذِكر الرقية الشرعية يوميًا، بالإضافة إلى الصبر على ما أصابه من ابتلاء حتى لا يقوم بفعل ما لا يُحمد على عُقباه، ويبدأ الانصياع وراء الأحاديث الغير مُجدية والتي قد توقعه في فعل المحرمات.
وإجابة على سؤال ما حكم السحر لفك سحر آخر؟ هي أنها من المحرمات، كل ما عليه فعله هو التسليم لله وذكره طبقًا لما قالت الرقية الشرعية.
ما حكم تحذير الناس من السحر وأعماله؟
السحر شيء مؤذي وفعل ضار بصاحبه قبل أن يضر الطرف الآخر، ولذا في حالة قيام شخص ما بالسحر فقد فعل أحد الكبائر والتي تكون من الموبقات، وبالتالي تكون الإجابة على سؤال ما حكم السحر؟ هي أن قيام السحر من المحرمات التي لا بُد اجتنابها والابتعاد عنها زيادةً على هذا النهي عن فعلها.
ولذا عندما يقوم الفرد بتحذير الناس من السحر وأعماله فيكون حكمه هو الوجوب حيث يتم النهي عن المنكر الذي يحدث في تلك الأثناء، وهذا بسبب الإثم الكبير والضرر العظيم الذي سيأتي نتيجة هذا السحر وأفعاله.
ما حكم سحر الخداع والتمويه والخفة؟
قبل معرفة حكم سحر الخداع أو التمويه أو الخففة من الأفضل أن يتم فهم ماهية هؤلاء التي تتواجد في الآتي:
في حالة استخدام السحر في الخداع أو التمويه أو الخفة فما هو إلا خداع بصري يذهب بالعقول إلى أشياء غير حقيقة، ويعتمدون على السرعة وعدم انتباه الذهن إلى ما يقوم به.
وبالتالي تعتبر الإجابة على سؤال ما حكم السحر الذي يستخدم الخداع والتمويه والخفة؟ ما هي إلا عمل مذموم ومُحرم في الإسلام وهذا لأن أساسه الخداع بالإضافة إلى تواجد عمليات نصب من خلاله، من ثم تتولد الكراهية بين الناس ومن ثم تتولد الفتنة.
ويُقال في حكم استخدام سحر الخداع و التمويه والخفة عندما يتم الاستعانة بالجن انه يقع وقوع الشرك بالله؛ أي الكُفر، وهذا لأن الساحر في هذا الوقت يقوم باستخدام الجن وتسخيره لترقي السمع، وقد يصل إلى القيام بعبادة شيء آخر غير الله -والعياذ بالله- ولكي لا يقع المرء في الكفر عليه أن يتجنب الشبهات، فمن الأفضل الابتعاد عن تلك الخداع التي لا تنفع، بل تضر.
ما حكم الذهاب للسحرة والمشعوذين مع الدليل؟
طبقًا لقول النبي (عليه أفضل الصلاة والسلام): “من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوماً” فلا يجوز الذهاب إلى السحرة والمشعوذين والكهنة، وهذا لأنهم كاذبون ولو صدقوا.
فالعرّاف هو الذي يدّعي معرفة الكثير من الأمور من الغيب والتنبؤ والتكهن، ويُقال أنه يستعين بالجن وقد يصل إلى عبادتهم وهذا يكون به شِرك بالله، وبالتالي تدخل في مرحلة الكُفر -والعياذ بالله- والذي قد يسترق السمع من السماء، ولذا لا يجب أن يتم التصديق على هؤلاء وإن صدقوا.
وفي حالة قيام الشخص بسؤال الساحر فعليه أن يتوب إلى الله ويندم على ذاك التصرف، ولو كان الفرد خائفًا من إصابته بالأذى من أي سحر قد فعله أحد له، فعليه أن يقرأ الرقية الشرعية ويتحصن بذكر الله ولا يجوز له الذهاب إلى ساحر لا يعلم بنواياه الخفية.
حكم تعلم السحر في الشريعة الإسلامية
ذكر العلماء والفقهاء في الدين الإسلامي أن تعلم السحر وممارسته أمر مُحرم على المسلمين أجمعين، وهذا لأنه يضر بالمسلمين وبأحوالهم، وبالتالي يوجد إجماع على أن ممارسة السحر أو مُحرم تمامًا والذي يقوم به يدخل في إثم في حكم من عمل سحر لشخص أو تعلم السحر.
على الرغم من حرمانية تعلم السعر إلا أنه يوجد خلاف كبير في تكفير فاعله؛ حيث ذهب جمهور العلماء الذي يكون منهم أبو حنيفة ومالك وأصحاب أحمد إلى تكفيره واستدلوا من خلال الآيتين : “وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر “، “إنما نحن فتنة فلا تكفر” ومن خلال التعمق في الآية سيشير إلى أن تعلم السحر يُعد كفر، وبالتالي يكون العمل به كُفرًا.
ونجد أن ذهب الشافعي إلى الوسطية حيث أن فعل الإنسان بالسحر ما يجعله كافرًا فيُعد كافرًا، ولكن إن لم يفعل فلا يُعد كافرًا، واستدل الشافعية بحديث الرسول (عليه الصلاة والسلام) يرويه أبو هريرة: “اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات”، وهذا يعني أن السحر لا يكون كُفرًا إطلاق؛ أي ليس كله كفرًا بل منه أشياءً تعتبر كمعصية كقتل النفس.
في النهاية سنجد أن الشيخ الشنقيطي قال في التحقيق كفر الساحر هو التفصيل حيث إذا كان يوجد في السحر ما يجعله يكفر بالله كتعظيم الكواكب والجن وغيره فهذا كفر بلا شك، وهذا مثل سحر هاروت وماروت، ولكن في حالة استخدام السحر الذي يجعله يستعين ببعض الأشياء وخواصها فهو حرام حُرمة شديدة، ولكن لا تصل به إلى الكُفر.
حكم ساحر أهل الكتاب
يُقال في حكم الساحر الخاص بأهل الكتاب ألا وهم يهوديًا أو نصرانيًان فعند الجمهور -مالك والشعافي وأحمد- أنه لا يُقتل ويكون معذورًا، وهذا كما فعل النبي (صلى الله عليه وسلم) مع لبيد بن الأعصم.
ولكن عند أبي حنيفة حكم أنه يُقتل كما يُقتل الساحر المسلم، ويتفع معه الإمام الجصّاص، ولكن مع الإمام القرطبي يحكم بالتفصيل حيث إذا كان سحره به شيء من القتل أو الاستعانة بالجن فيتم قتله.
الفرق بين السحر والمعجزة والكرامة
نظرًا لأن هناك اتهام الرسل بأنهم سحرة ولا يوجد لهم أي معجزة لكن نزل في القرآن الكريم آيات تنفي تلك التهمة من عليهم، ولذا سيتم إيضاح كافة ملابسات الفرق بينهم في السطور التالية:
الفرق في التعريف
المعجزة
المعجزة هي شيء يُخالف المنطق والعقل، أعطاها المولى (عز وجل) لأنبياءه، والهدف منها إثبات مدى صدق النبوة، وانهم رُسل مبعوثين من عند الله، ومن أمثلة تلك المعجزات عدم احتراق النار لإبراهيم، وناقة صالح، وانشقاق القمر لمحمد (عليه الصلاة والسلام).
الكرامة
الكرامة هي شيء يخالف المنطق والعقل أيضًا وتعمل على خلاف سنن الكون ولكن على أيدي أولياءه الصالحين مثل حمل السيدة مريم من دون نطفة رجل، وحصولها على ثمرة الصيف في الشتاء والعكس.
السحر
هو أمر يقوم به الإنسان بالاستعانة مع الشياطين والجن في حدوث ما يتخطى قدرات البشر العادية، وهذا لكي يحدث بعض الضرر والأذى أو حدوث تغيرات في الحال بشيء إيجابي وفي كل الحالات تعتبر حرامًا مهما كان الغرض منها، ومن مثلها تحويل الأحبال إلى حيات في يوم الزينة.
الفروق بين كل نوعين
أولًا الفرق بين المعجزة والسحر
الشعرة التي يمكن أن يتم التفرقة بها بين المعجزة والسحر هي التحدي حيث أن المعجزة تتحدى الناس في فعلها مرة أخرى، ولكن السحر لا يوجد به تحدي بل يتواجد من يقدر على فعلها مرة أخرى، ويأتي بما أعظم.
في المعجزة لا يوجد حدود لها مثل انفلاق البحر لموسى (عليه السلام) أو إحياء الموتى، أو وقوف الشمس عن غروبها، وبالتالي تعتبر المعجزة أكبر من قدرة الساحر على ما يفعله.
والهدف من المعجزة هي إظهار مدى صدق الأنبياء للناس، ولكن الغاية من استخدام السحر يكون بسبب إلحاق الضرر والأذى بالآخرين.
ثانيًا الفرق بين السحر والكرامة
الاختلاف بين حال الولي وحال الساحر هو الذي يوضح الفرق بينهما، ولذا عندما ترى الوالي فستجد أنه مشهور بالصلاح والتقوى والقُرب من المولى (عز وجل)، ولكن حين ترى الساحر فسوف تجده معروف بالدجل وارتكاب المحرمات.
وأيضًا يوجد في فرق جوهري بين السحر والكرامة، وهذا يظهر في الاستعانة بالشياطين والجن في السحر أما في الكرامة فيحدث الشيء بفضل من الله (عز وجل).
ثالثًا الفرق بين المعجزة والكرامة
المعجزة تأتيي للأنبياء الذين يحملون النبوة من المولى (عز وجل) ولكن الكرامة فالشخص الذي يحملها لا يدّعي النبوة أبدًا، وفيي حالة غرور نفسه وادّعها فتسقط عنه ولايته.
لكي تحصل الكرامة للولي فيكون بسبب اتباعه للتعليمات النبي والاستقامة على نهجه، وهذا أن لولا اتباعه لشرع النبي والقيام بكل سيء يقوم بها فما حصلت له أي كرامة.
ما هي عقوبة الساحر؟
هناك اختلاف واضح في عقوبة الساحر، وهذا لأنه يتم الحكم على أساسين
مذهب الحنفية
يقول الحنفية أن الساحر يُقتَل في حالتين؛ أحدهما أن يكون سحره كفرًا، والثاني أن يكون مزاولته للسحر به ضر وفساد حتى ولو لم يكون به كفرًا.
مذهب الماليكة
تحكم بقتل الساحر في حالة إذا كان الحكم بالكفر وثَبُتَت عليه البينة لدى الإمام.
مذهب الشافعية
في حالة إذا كان السحر لا يوجد به ما يكفر الشخص بالله فهو فسق ولا يتم الحكم على الساحر بالقتل إلا في حالة قتله لأحد ما عمدًا فيُقتل قصاصًا.
مذهب الحنابلة
ذهب الحنابلة لأي أخر ألا وهو قتل الساحر ولكن بشرطين؛ أولهما أن هناك ما يحكم بكفره في سحره، ثانيهما أنه يكون مُسلمًا، فإذا كان ذميًا لا يُقتل لأنه بالفعل مشرك بالله وأهو أعظم من السحر، واستدل بهذا من خلال فعل لبيد بن الأعصم الذي كان يهوديًا ولم يُقتل.
وفي حالة الشيخ الشنقيطي قال:
-
والأظهر عندي أن الساحر الذي لم يبلغ به سحره الكفر، ولم يقتل به إنسانا أنه لا يقتل لدلالة النصوص القطعية، والإجماع على عصمة دماء المسلمين عامة إلا بدليل واضح، وقتل الساحر الذي لم يكفر بسحره لم يثبت فيه شيء عن النبي (صلى الله عليه وسلم)، والتجرؤ على دم مسلم من غير دليل صحيح من كتاب أو سنة مرفوعة غير ظاهر عندي. والعلم عند الله تعالى، مع أن القول بقتله مطلقًا قوي جدًا لفعل الصحابة له من غير نكير.