إن الغيرة شعور ومسألة طبيعية تفرض نفسها في العلاقات العاطفية، ولا يكون للفرد دخل فيها، فهي نابعة عن شدة محبته وفرط تعلقه، ولكنه الإفراط في الغيرة قد يكون سبباً في هدم العلاقات وتفكك الروابط، فمزيد من الغيرة، يولد قدر من الشك والريبة في النفس، وما يهمنا هنا أن نستعرض علامات غيرة المرأة من المرأة ومتى تتحول هذه الغيرة لشعور مرضي يتطلب التدخل.

علامات غيرة المرأة من المرأة
ليست الغيرة مقتصرة فقط أن تكون بين الرجل والمرأة، ففي كثير من الأحيان نجد نوع من الغيرة يتولد بين النساء وبعضهن، ويُستدل على ذلك من خلال بعض العلامات التي نسردها في النقاط التالية:
- الميل نحو المحاكاة والتقليد الدائم، فالمرأة التي تتملكها الغيرة من امرأة أخرى تحاول بكافة السبل تقليدها سواء في القناعات والأفكار أو طريقة الحديث والنبرات أو في الأزياء والإطلالات التي تظهر بها.
- الاصطناع والتكلف، أيضاً يظهر على المرأة التي تغار نوع من اصطناع الأدوار والشخصيات التي لا تتلائم مع شخصيتها الحقيقية، فهي تحاول الظهور بمظهر مُلفت ويشد الأنظار، مما يدفعها إلى التصرف بصورة لا تناسبها، وتبدأ في التخلي تدريجياً عن عفويتها.
- المجاملة، في العادة تميل المرأة الغيورة إلى مجاملة غيرها بصورة زائفة وذلك عند حضورها أو اللقاء بها، وبمجرد رحيلها تبدأ في الحديث عنها بصورة غير لائقة.
- التنافس، إن روح المنافسة لا بأس فيها، لكن في حالة الغيرة بين المرأة وغيرها، تتبدل هذه المنافسة لصراع غير محمود، وقد تدبر لها المكائد وتحاول عرقلتها لكي تشتت انتباهها وتعمل على اللحاق بها وتحقيق التميز وخطف الأنظار.
- السرور عند الخطأ، حيث تشعر المرأة الغيورة بالرضا والغبطة عند وقوع من تغار منها في الخطأ، وتحتفل بذلك.
- الشماتة، قد تشمت أيضاً فيها في حال مرت بأوقات عصيبة أو استقبلت بعض الأنباء الحزينة.
- نشر الشائعات السلبية عنها وتزييف الحقائق.
غيرة المرأة من المرأة إلى حد الحقد
- إن الاعتدال والتوسط في الغيرة لأمر إيجابي، أما الإفراط في الغيرة فقد يُفدي لطرق غير آمنة، فإن كانت الغيرة بين المرأة وحبيبها، فإن الإفراط فيه يولد الشك، أما إذا كانت الغيرة بين المرأة وغيرها من النساء فسوف يتولد منه حقد دفين يفتك بالقلب.
- ومن الأسباب التي قد تدفع المرأة إلى الغيرة من امرأة أخرى، أن تراها أقوى منها وخصوصاً في العمل، لأن ذلك يجعلها مميزة وأكثر إثارة بالنسبة للرجال، كما يطمح الكثيرون للالتفات حولها والتقرب منها، مما يوقظ شعور الغيرة في القلب.
- وفي دراسة أجريت من قبل مجلة Gender in Management عام 2009 عن حقد النساء على بعضهن في بيئة العمل، أكدت النتائج أن أغلب النساء لا يفضلن أن يكون المدير واحدة من أبناء جنسهن لاعتقادهن بأن المرأة حينما تتحكم فأنها تفسد الأمور، وتتعامل مع غيرها على حسب الأهواء الشخصية.
- ويُلاحظ دائماً أن الحقد الذي يتولد من الغيرة يصاحبه في العادة نوع من الانتقاد الدائم والرفض، فالمرأة متى غارت من غيرها من ذات الجنس، تحاول أن تُبدي عدم اهتمامها أو لا مبالاتها بالأفعال الحسنة التي تقوم بها الأخرى، وعوضاً عن ذلك، تبدأ في انتقادها، وتنظر لأعمالها مهما كانت جيدة على أنها مزعجة لا وطائل منها.
علامات الغيرة الصامتة عند المرأة
إن علامات الغيرة الصامتة عند المرأة واحدة في العادة سواء كانت الغيرة من قِبل الزوجة لزوجها أو الحبيبة لمحبوبها أو الغيرة النسائية عموماً، ومن علامات الغيرة الصامتة:
- الرقابة الشديدة، حيث يُلاحظ عن المرأة الغيورة مراقبتها الشديدة لمن تغار منه أو تغار عليه، وذلك بالتفتيش حوله ومتابعة أخباره ومعرفة آخر الجديد عنه.
- التوتر والضيق، فالمرأة الغيورة تعيش في حالة توتر دائم وغضب شديد، وقد تختلق المشاكل على أتفه الأسباب، وتحاول جس نبض الطرف الآخر لمعرفة مشاعره من ناحيتها.
- الكراهية لذات الجنس، ويبرز ذلك عند ذكر إخدى النساء أمامها، حيث تُبدي كراهية لها غير مبررة، وتحاول بكافة السبل التفتيش خلفها ومعرفة هويتها بالتحديد، وقد تحط من شأنها دون سبب.
- التعليق والتعقيب، ويبدو ذلك جلياً عند المرأة التي تغار، حيث لا تتردد في التعليق على الملابس والهيئة الخارجية، كما تُعقب دائماً على طريقة الحديث ونبرات الصوت، وقد تختلق مشادات كلامية وخلافات لأمور تافهة لا تستحق ذلك.
- توليد روح الغيرة، بالطبع لن تبقى المرأة الغيورة على حالتها دون أن يشعر الطرف الآخر بالغيرة أيضاً، لذلك تحاول إثارة الغيرة في قلبه بكافة الطرق، وتنتهج في ذلك أسلوب الاستفزاز كي يُثار الطرف الآخر ويغار منها أو عليها.
- العناية بالتفاصيل سواء كانت صغيرة أو كبيرة، والإفراط في الأسئلة، والرغبة الدائمة في معرفة المزيد عن الطرف الآخر، وتوجيه نوع من الأسئلة قد يبدو في ظاهره على أنه تحقيق يُراد به الإطلاع على الحقيقة.
أسباب غيرة النساء من بعضهم
لا تنبثق الغيرة من فراغ، ولا يمكن أن تغار امرأة من امرأة أخرى إلا لأسباب تُبرر بها ذلك، ويكون هذا التبرير باطنياً لا تفصح عنه، ومع ذلك يمكن سرد الأسباب الرئيسية خلف الغيرة النسائية في النقاط الآتية:
- من منظور نفسي، تعزو أسباب الغيرة للنظرة الدونية للذات والتقليل منها، وجوانب القصور والخلل في الشخصية، والنقص في الهوية، والشحنات السلبية التي تطغو على القلب وتؤثر فيه سلباً، مما يجعل المرأة الغيورة منساقة خلف هذه المشاعر ولا تستطيع السيطرة عليها.
- من النقاط التي تُسبب الغيرة لدى المرأة الجمال، فمتى رأت امرأة غيرها أكثر جمالاً وإثارة منها، لا تستطيع أن تتمالك نفسها، ويصيبها غيرة قد تتحول إلى حقد دفين لا تستطيع التفريغ عنه سوى بالضيق والغِل، وقد تفعل الأفاعيل لتنال قسط من جمالها، وإذا فشلت، فلن تجد سبيل في ذمها أو التقليل منها والنظر إليها بسخط والتعليق بسلبية.
- أيضاً تعد مسألة الحب من المسائل التي تدعو المرأة للغيرة، فالمرأة لا تستطيع أن تعيش بدون الحب، وإن رأت غيرها تنعم بنعيمه، فسوف يصيبها الحقد والغيرة، ولن تستطيع أن تتمالك نفسها، وقد تتحدث عن علاقتها بالرجل بصورة دنيئة لتعوض ما ينقصها وتعجز عن الحصول عليه.
- النجاح كذلك مؤشر على غيرة المرأة، فالمرأة الناجحة في حياتها والتي تتميز عن غيرها تعاني بشدة من النساء اللاتي يحقدن عليها ويضمرن لها الغيرة والضغنية، لذلك يحاولن تحطيمها بكافة الطرق، ويعملن على تدبير المكائد لها، وقد تشتغل المنافسة بينها وبينهن وتتحول لصورة من صور الصراع على الأحقية.
- الثقة بالنفس، نُلاحظ أيضاً أن المرأة الواثقة بنفسها، والمُعتزة بكيانها، يكون لها تأثير طاغي على من حولها، مما يجعلها محط أنظار الآخريات من أقرانها، لذلك تجد حقد دائماً وغيرة من ناحيتهن، فالمرأة التي تفتقد ثقتها بنفسها لا تتورع عن إلحاق الضرر بغيرها سواء كان ذلك بالكلام أو بالنظرات.
أمثال عن غيرة المرأة من المرأة
الغيرة في الحب كالماء للوردة، قليله ينعش، و كثيره يقتل.
المحبة قوية كالموت والغيرة قاسية كالقبر.
الغيرة تشوش العقل، ولا تسمح بالتفكير المتعقل، مثلها مثل الخمر.
الغيرة عنصر كلاسيكي من عناصر الطبيعة الإنسانية.
شتان بين شعورين: شعور الغيرة على حرمات الله والرغبة في حمايتها، وشعور البغضاء لعباد الله والرغبة في إذلالهم.
المرأة العاقلة لا تغار، قيل له ولماذا ؟ قال : لأن الغيرة اعتراف بأن هناك امرأة أجمل منها.
لا تكره من يغار منك، بل احترم تلك الغيرة فيه، لأن غيرته ليست سوى اعترافه بأنك أفضل منه.
لا تخبروا الناس بكل شيء جميل تملكونه، ليس الجميع لديهم حسن النوايا، بل معظمهم لديه الحسد والغيرة.
الغيرة نار تحرق من يشعر بها وتحرق الحبيب أيضاً .
علامات الغيرة في علم النفس
تذهب الدراسات النفسية إلى التأكيد على وجود علامات مُحددة متى وُجدت في شخص ما، فهو بلا شك يغار ولا يستطيع كتم غيرته، ومن هذه العلامات:
- المدح الزائف، يظهر الشخص الغيور أمامك بوجه، وعند رحيلك يظهر له وجه آخر تماماً، فهو يجيد اصطناع الشخصيات أمامك، ويبرز لك قدر محبته ويثني عليك لكنه من الداخل يضمر لك الحقد والغيرة.
- النظرة الدونية لنجاحاتك والتقليل منها، لا يستطيع الشخص الغيور تقبل نجاحاتك وانجازاتك مهما كانت مدهشة، ولسوف يعمل دائماً على التقليل منها وعدم نسبها إليك، فقد ينسب نجاحك للصدفة أو لضربة الحظ، لكنه لن يعترف أبداً أن نجاحك يعزو لمهاراتك وثقتك بنفسك وعملك الدؤوب.
- التباهي بالنجاحات الشخصية، يحاول الشخص الغيور التعويض عما ينقصه بالإفراط في التباهي بنجاحاته مهما كانت بسيطة ولا تُذكر، وفي المقابل، فإنه ينظر إلى نجاحاتك على أنها ضرب من الصدفة، وقد يثني على نفسه بصورة لا تتوافق مع قدر النجاح الذي حققه.
- المحاكاة والتقليد، بلا شك تتولد الغيرة عندما يلاحظ الشخص الغيور وجود ما يلفت الأنظار فيك وينقصه، فلذلك لا يتردد في تقليد تصرفاتك وأقوالك وأعمالك وطريقة ملابسك وحديثك، وذلك فقط ليحظى بنفس القدر من الاهتمام الذي يحاوطك الآخرين به.
- المنافسة، إن المنافسة شيء إيجابي في العادة، لكن إن صاحبته الغيرة، فإنه يتحول لصراع أو تنافس غير محمود، يحاول فيه الطرف الغيور تحقيق النجاح أياً كانت الوسائل لبلوغ ذلك، وفضلاً عن ذلك، فإن نجاحه في نفس الوقت مرهون بفشل الشخص الذي يغار منه، وإلا لن يكون لنجاحه معنى.
- الاحتفاء بفشلك، من الأشياء التي تُلاحظ على الشخص الغيور هو احتفاله غير المبرر بفشل من يغار منه، والسرور عند وقوعه في الخطأ أو ابتعاد الآخرين عنه، فذلك يُضفي لحياته معنى، وقد يشمت أيضاً عند سقوط هذا الشخص في مأزق أو مكيدة.
- الغيبة، أيضاً يبدأ الشخص الغيور في الثرثرة من وراء ظهرك، وتشويه صورتك عند الآخرين، ويُغالي في حديثه ويذكرك بسوء.
- الكراهية دون سبب، من علامات غيرة الفرد أيضاً، أن تراه يكرهك دون سبب أو دافع لذلك، وقد تكون أفعالك وتصرفات المحمودة نحوه سبباً لكراهيتك أكثر، فهو لا يستطيع السيطرة على مشاعره السلبية، وينظر على أي فعل من جهتك على أن وراءه دافع آخر.
الغيرة المرضية بين النساء
- إن الإفراط في الغيرة في جوهره يعد صورة من صور المرض، وقد ذهبت الدراسات إلى أن الإفراط في أي شعور ينبثق عنه أمراض واضرابات يصعب التعامل معها بمرور الوقت.
- وليس هذا معناه تنعدم الغيرة عند المرأة، فانعدامها يؤدي إلى وجود خلل في علاقتها بالآخرين، كما أن فرط الغيرة يفدي إلى الدمار وتفكك الروابط، لأنه يبعث في القلب الشك.
- والغيرة المرضية أو ما يُعرف بمتلازمة عطيل عبارة عن اضطراب نفسي يكون فيه الشخص المصاب مشغول دائماً بأفكار ضالة ليست حقيقية حول خيانة الشريك له دون وجود ما يدعم قوله، ويرتبط ذلك بإظهار ردود فعل وسلوكيات غير مقبولة من الناجية الاجتماعية.
- ومن صور الغيرة المرضية، ميل الشخص المصاب نحو الاستحواذ على الطرف الآخر، وإخضاعه لسيطرته وأن يتواجد بقربه دائماً، فهو دائم الوسوسة بينه وبين نفسه، ولا يستطيع العيش بصورة طبيعية إلا في ظل وجود الطرف الآخر بقربه.
علامات غيرة المرأة على الرجل
إن غيرة المرأة على الرجل أمر طبيعي، كما أن توافر هذا الشعور يُضفي على العلاقة نوع من الرومانسية والحب الشديد، ولكن الإفراط فيه هو ما يؤدي إلى تدهور العلاقة وتدميرها، كما يدفع الطرف الآخر إلى كثرة التبرير ومن ثم الملل والرغبة في عدم استمرار العلاقة، ومن علامات غيرة المرأة هنا:
- التحكم الزائد في تصرفات وسلوكيات الطرف الآخر.
- التشكيك الدائم في دائرة أصدقائه وخروجاته الدائمة.
- يعجز عن قضاء بعض الوقت بمفرده.
- الإتصال المتواصل به، والسؤال عن المكان الذي يتواجد فيه.
- مراقبة تحركاته والأماكن التي يذهب إليها.
- تتبع أخباره ومحادثاته على وسائل التواصل الاجتماعي.
- تحاول دائماً أن تبقيه في المنزل، وتمنعه من الخروج مع أصدقائه.
- تتهمه بالخيانة بين الحين والآخر.
- تكرار الأسئلة عليه، والاستفسار عن تفاصيل يومه بالتحديد.
غيرة المرأة على حبيبها
- لا شك أن غيرة المرأة على حبيبها من العلامات التي تعبر عن مدى تعلقها به ومحبتها الشديدة له، وهذا الشعور رغم أنه يضفي قدر من الرومانسية إلا أنه قد يكون سبباً مؤدياً لانتهاء العلاقة بينهما، وذلك عند الإفراط في الغيرة والشك الدائم في تصرفات الحبيب.
- لذلك نجد أن غيرة المرأة على حبيبها تبرز في عدة صور منها:
- التقلبات المزاجية المفاجئة.
- خلق فرص التواصل معه، والإتصال المتكرر به دون انتقاء الوقت المناسب.
- السؤال الدائم عن ماضيه، وإذا ما أحب غيرها، والدرجة التي يحبها بها الآن.
- الرغبة في اللقاء به بشكل دائم، وأن يكون متواجداً بقربه.
- إبداء عدم الاهتمام أو اللا مبالاة في بعض المواقف أيضاً مؤشر على الغيرة الصامتة.
غيرة المرأة على زوجها
- إن غيرة الزوجة محمودة في حال كانت معتدلة، لا إفراط فيها ولا تفريط، والتعقل فيها هو الأساس للتعامل بود واحترام بين الطرفين.
- فإن تولدت الغيرة لدى المرأة المتزوجة، فلا بد من إرساء قواعد الحوار الهادف والنقاش الهادئ، وأن تكون أكثر ثقة في شريكها، وفي حال رأت ما يدفعها للشك والغيرة، فمن الضروري أن تصارحه به بدلاً من التفتيش خلفه وإيهام نفسها بأمور لا واقع لها.
- لذلك فإن بناء الثقة بين الزوجين هو الأساس للخروج من أي أوضاع قد تُعذب بها المرأة نفسها.
- والغيرة قد تكون إيجابية ومرحة في بعض الأحيان، إن كان الهدف منها إشعار الطرف الآخر بالحب والاهتمام، لكنها قد تنقلب لمرحلة مرضيّة ومستفزة إن بات الزوج يشعر أنه مُحاصر وملاحق دائماً أو أن المشاعر هذه قد بدأت ببث السلبية والخلاف في البيت، وأنها باتت تؤثر على مجريات الحياة اليومية بين الزوجين.