صفات النبي صلى الله عليه وسلم

Nora Hashemالمُدقق اللغوي: Rana Ehab21 مارس 2022آخر تحديث : منذ 8 أشهر

صفات النبي صلى الله عليه وسلم، إن سيرة النبي صلي الله عليه وسلم ليست قصص تُروى ولا مدائح تُنسج في يوم ميلاده فقط، وإنما سيرته منهج وحياة كاملة نعرف من خلالها كيف نأخذ القدوة الحسنة، كيف نتحلى بالأخلاق من خلال مواقف الرسول صلي الله عليه وسلم، واتباع سنته ونبني معلومات صحيحة عن الإسلام في عهد الرسول وكيف استطاع بحكمته أن يقيم دولة عظيمة قوية في وسط هذا الركام الهائل من الجاهلية، ومن الجير بالذكر أن نبدأ بالنسب الشريف للنبي فقال الإمام البخاري رحمه الله: ” هو أبو القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم” وُلد في عام الفيل بمكة المكرمة، ونشأ يتيماً بكفالة جده عبد المطلب، وبعده عمه أبو طالب، وطهره الله من دنس الجاهلية ومن كل عيب، ومنحه خُلق جميل، حتى لم يعُرف بين قومه إلا بالصادق الأمين.

صفات النبي صلى الله عليه وسلم
صفات النبي الخلُقية قبل البعثة

صفات النبي صلى الله عليه وسلم

نهتم في هذا المقال بالتعرف على صفات خير الأنام نبينا الكريم محمد صلى الله عليم وسلم، وذلك لأهميتها في تأديب النفس والأقتداء بنموذج مثالي يؤثر في الصغار والكبار حين يتعرفون على خصاله الحميدة ومواقفه الصالحه ويقتدون بها في أقوالهم وأفعالهم.

تشمل صفات الرسول صلى الله عليه وسلم صفات خلقية وخُلقية، سوف نتطرق إلى أهم أخلاقه فنجد في خصاله الخُلقية أنه كان كام الأوصاف وعظيم الخلق فجاء في وصف  خلقه في القرآن الكريم قول الله عز وجل (وإنك لعلى خُلق عظيم)، فكان عليه الصلاة والسلام يتصف بالصدق، فُعرف بالصادق الأمين، لم يتلفظ قط بقول كاذب،  بل كان صادق في أقواله ونيته وأعماله.

كما تضم صفات النبي محمد الشجاعة، وتتمثل الشجاعة لديه في قوة الإيمان فكان يقول دائمًا أن المؤمن القوي خير  وأحب إلى الله من الضعيف، وعند البحث في سيرته العطرة نجد الكثير من الأمثلة التي يُقتدي بها في شجاعة الرسول وثبات موقفه فكان يتصدى للمشركين رغم محاربتهم له وأنهم كانو يأذوه أشد أذى بل ويتأمروا عليه ولكنه لم يتزعزع عن موقفه بل زاد إصراراً على دعوته والتمسك بالحق ونشر دين الله.

ومن المواقف البطولية أيضًا لشجاعة النبي صلى الله عليه وسلم عندما أصر على أداء الصلاة أمام الحرم الشريف رغم تهديد أبي جهل والمشركين له ولكن لم يأبه لهم، وحضرت شجاعته أيضًا في محاولة اغتياله عندما أحط بمنزله قرابة الخمسين رجل فخرج عليهم في منتصف الليل ولم يُصبه الخوف لأنه مؤمن بالله ومتمسك بعقيدته، وظهر ذلك بقوة أيضًا في موقف الغار عندما قال لأبي بكر بثباث منقطع النظير : (لا تحزن إن الله معنا)، وذلك فضلاً عن شجاعته في الحروب والغزوات مثل غزو أحد فكان خير القادة لا يهاب ولا يخاف أحد من الأعداء بل قويًا وجسورًا وشجاعًا.

نجد أيضًا من صفات سيدنا محمد الزهد فكان زاهداً عن متاع الدنيا ومنصرفًا عن ملذاتها، وكل ما يحرص عليه هو إتمام مهمته ونشر رسالة الإسلام في جميع بقاع الأرض، ونجد ذلك واضحًا في طعامه وشربه فكان يكتفي بأكل التمر مع الماء وأحيانًا الخبز مع الشعير ولا يشكو قط، فلم تكن حياته مرفهه أو يمتلك المال الوفير بل كان يعيش حياة البسطاء منذ الصغر حتى مماته، فيميل إلى البساطة في ملابسه مع الأحتفاظ بالطهارة وجمال المظهر، ووصفه الصحابى بأنه كان أحسن الناس عشرة، لا يعترض على طعام ولاشراب، فيأكل مما تيسر دون تكلف،

ومن الجدير بالذكر عند التحدث عن مواصفات الرسول عليه الصلاة والسلام أن نتطرق إلى أهم صفة وهي الثقة والإيمان بالله بلا حدود، فكان يعلم أن الله يحميه وسوف ينصره علي المشركين، ويطمئن أنفس الصحابه والمؤمنين بوجود الله، فكان أكثر الناس علمًا بالله، كما أنه اتصف بالمبادرة في إلقاء التحية والسلام والسؤال عن الأهل والصحابة، كما كان يحب مساعدة الناس ويسدد لهم النصائح ويقدم مشورته، فكان حديثه رصينًا ومؤثراً وبليغًا

كما اتصف النبي صلى الله عليه وسلم بالأمانة سواء قبل البعثة أو بعدها، فكما سبق ذكر أُطلق عليه الأمين، فكان حريص على أداء الأمانة وإعادة الودائع إلى أصحابها، وحينما كان يعمل بالتجارة قبل بعثته عُرف بين التجار بأمانته وصدقه، حتى أن زواجه من السيدة خديجة رض الله عنها أم المؤمنين كان ﻷمانته.

وكان عليه الصلاة والسلام لينًا رفيق يحب الرفق ويدعو الناس إليه، فكان رفيقًا بالصغير، بل وكان صلى الله وعليه وسلم رحيماً أيضًا بكبار السن الضعفاء ليس الأطفال فقط، بشوشاً، سهل المعاملة، فأروع ما قاله للصديَّق يوم فتح مكة حين أتى بأبيه أبي قحافه، وكان شيخاً كبيراً مسناً ليُسلِمَ بين يدي رسول الله في البيت الحرام فقال: ” هلا تركت الشيخ في بيته حتى أكون أنا آتيه فيه”، إنه القائد المنتصر الذي يدخل مكة فاتحاً، وأبو قحافة شيخ كبير تأخر في إسلامه، يوقره الرسول ويرى أنه كان الأولى أن يتحرك هو رسول الله إلى بين الشيخ، وها هي منزلة كبار السن في عين الرسول”.

كما اشتملت السنة النبوية على مواقف النبي متعلقة بالرفق بحقوق الحيوان والتعامل معها، فقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن إساءة الحيوان، أو لعنه، وعن عائشة -رضي الله عنها- ” أنها كانت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فلَعنت بعيراً لها فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم أن يرد وقال لا يصحبني شيء معلون”، وعن أبي هريرة قال” كان النبي في سفر فلَعن رجل ناقة فقال: أين صاحب الناقة قال الرجل: أنا، قال أخرها فقد أجبت فيها.

كما كان الوفاء بالعهد من خير صفات الرسول صلى الله عليه وسلم حتى وإن كان العهد من الكفار والمشركين، فلم يخلف عهده قط، وكان خير مثال على ذلك عندما التزام الرسول مع المشركين في صلح الحديبية، فكان أحد شروك العقد أن يسلم أحد من المشركين ويرده الرسول، فجاء بعدها رجل يسمى أبو جندل بن سهيل وأعلن إسلامه، فرده الرسول إلى قومه.

صفات الرسول الخلقية

تميز الرسول صلي الله عليه وسلم بصفات خلقية جميلة قد حباه الله بها دون غيره من خلقه، فكان عليه الصلاة والسلام أجمل الخلق وأحسنهم، وذلك مصدقًا لما رُوي عن الصحابة عندما قال البراء بن عازب -رضي الله عنه-: (لم أر شيئًا قطُّ أحسن منهُ)، ولا نجد أبلغ من وصف أبي هريرة -رضي الله عنه- عندما قال واصفًا الحبيب: (ما رأيت شيئًا أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، كأن الشمس تجري في وجهه).

ونتطرق إلى وصفه وصفًا دقيق فكان لونه أزهر أي ليس شديد البياض وليس بأسود اللون، وعن ملامح وجه الكريم فقد وصفه الصحابة بأنه كالشمش والقمر في إشراقه فكان أملس ومستوي الوجه غير مستدير، وكانت سعة الجبين من صفاته الخلقية المحمودة، فإذا ضحك أو غضب برز عرق في جبينه.
وذكر العلماء من مواصفات الرسول محمد صلى الله عليه وسلم الخلقية شكل حاجبيه فكانا مقوسان وبينهما اتصال خفيف، وكانت عيناه واسعتين وشديدتي السواد وذات رموش طويلة ومشربتين بالحُمرة، أما أسنانه فكانت ناصعة البياض كاللؤلؤ  ويجد فرق بين الثنايا والرباعيات.

كما كان يتسم بالصوت الجميل العذب، والرائحة الطيبة كالعنبر والمسك، وكان أبيض الأبطين وكانت تلك الصفة من علامات النبوة، كما كان ضخم القدمين والمفاصل.

من صفات الرسول صلى الله عليه وسلم المأخوذه قول جرير

الصحابي جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه هو أحد الصحابة القلائل الذين تمتعوا بمكانة فضيلة عند رسول الله منذ أن أسلم وهو على مقربه من النبي حتى أن الحبيب فرش له رداءه، فكان الني معجب بصفاته ومواقفه الصادقة والشجاعة.

وقد ذكر في صفات الرسول صلي الله عليه وسلم أنه كان مبتسم الوجه، بشوش، حسن الأستقبال، كما يجيد الإصغاء للمتحدث ومرحبًا بالزائرين والضيوف بل أنه يكرم ضيفاتهم، كما كان ذو هيبة، فمن رآه بديهة هابه، ومن خالطه أحبه، وكان معتدل الخلق.

ومن صفات الرسول المأخوذة أنه كان صادقًا أمينًا، طلَق الوجه، كثير الحياء، متعبد لربه، والقرآن الكريم نهجه، يقتدي بما جاء فيه يأمر بما أمر الله تعالي ويبتعد عن ما نهي عنه.

صفات الرسول الجسدية

نجد من أوصاف النبي محمد صلى الله عليه وسلم الجسدية أن أنفه كانت مستقمية الشكل ودقيقة الأرنبة، وأضاف عمار بن ياسر في وصف خدي الرسول قائلاً “كان رسوُل الله صلَّي اللَّهِ عليهِ وسلَّمَ يسلَّمُ عن يَمينِه وعن يَسارَه حتى يُرى بياضُ خدَّهِ”
ومن أهم شمائل الرسول الخلقية لحيته فكان صلي الله عليه وسلم منبت أشعر، وكانت عنفقته ظاهرة أي الشعر بين الشفة السفلى والذقن نابته، وما حول اللحية بيض، ودائمًا ما كان يُحسنها ويضع عليها المسك ويحرص على تسريحها، أما شعره فكان أسود اللون يصل طوله إلى نصف أذنيه وكان متمشط أي ليس بالمجعد ولا المُسترسل.

أما بالنسبة لوصف جسد الحبيب صلي الله عليه وسلم فكان طويل الذراعين وعريض ما بين المنكبين،  وأبيض الأبطين، وذكر علي بن أبي طالب أن عنق الرسول كان متوسط لم يكن طويل ولا قصير وشبهه بإبريق الفضة، وكان عريص الصدر وواسع الكفين وذو أصابع طويلة، فوصف لنا علي بن أبي طالب رصى الله عنه صفات الرسول الجسدية قائلاً أن لم يكن طويل ولا قصير بل كان متعدلاً ومتوسطًا وكان يجمع بين نعومة الجسد والقوة العظيمة

صفات النبي الخُلقية قبل البعثة

يتسائل الكثير عن صفات النبي صلي الله عليه وسلم الخُلقية قبل البعثة؟ وما معنى قبل البعثة؟ فنحن نعلم جيدًا أن النبي محمد من صفاته الخُلقية الأمانة والصدق  حيث لُقب بالصادق والأمين، ولكن عند التطرق في كتب السيرة النبوية الشريفة نجد أن النبي صلي الله عليه وسلم لديه صفات قبل البعثة وبعدها.

فبعد البعثة كان يتصف عليه الصلاة والسلام بخصال خُلقية كثيرة حميدة مثل الصبر في الدعوة إلى الدين الإسلامي وتحمل أذى الكفار والمشركين لسنوات طويلة يحثهم على الإيمان وهما يحاربونه ويتعمدون إيذاءه ولكن الحبيب كان يتصف بقويمة العزيمة والمثابرة لكي ينشر دين الله ويزداد عدد المسلمين وتكبر أمة محمد عليه السلام.

أما قبل البعثة فكانت من صفاته الخُلقية الراسخة والتي لا تتغير والأكثر أهمية العدل والمساواة من أهم صفات النبي الخُلقية فكان لا ينطق إلا بالحق ولا تلفظ أبداً بالمنكر، وكان يحكم بين الناس بميزان العدل لا يفرق بين غني وفقير بل كان يطبق قواعد الدين الإسلامي حتى على أبنائه، فنتذكر عندما قال والله لو فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها.

أيضًا كان الرسول عليه الصلام والسلام متواضع فكان يقضى حاجته بنفسه ولا يعتمد على مكانته ومنزلته بين الناس، فكان لا يصيبه كبر ولا علو على الخلق بل كان أكثر الناس أدبًا، فكان يخدم أهل بيته ويساعدهم فقد كان يصلح ثيابه بيده، ويحب المساكين والفقراء فيشاركهم أحزانهم وأفراحهم، ومن الأمثلة على تواضعه عندما كان يصب الماء ويسقي أصحابه فيقولوا له “اشرب” فكان يقول “إن ساقي القوم آخرهم شربًا”، وضرب لنا أروع الأمثلة في التواضع عندما كان يجلس على الأرض وعلى الحصير مع عامة الناس يأكل ويشرب من طعامهم.

كما ذكر العلماء والشيوخ في ذكر صفات الرسول صلي الله عليه وسلم الخلقية أنه كان ودود ولين مع الأطفال فلم يزجرهم أو يشكو منهم، كما أنه كان حسن الكلام رحيم بمن حوله، وبشوش الوجه، ويتعامل مع الآخرين بلطف فكان يحسن لأهل بيته ولزوجاته، فتصل المواقف الإنسانية في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى مستوى العطف النبوي وتأثره ببكاء الأطفال، فحين يقترب موعد الصلاة يدعو بلال فيقو له: أرحنا بها يا بلال، ولكنه حين يسمع بكاء طفل، يعجل في صلاته ويقول إني اكره أن أشق على أمه، وكان حين تنشغل ابنته فاطمة – رضي الله عنها- عن الحسين فيأخذه البكاء، يعاتبها برفق قائلاً: أو ما علمت أن بكاءه يبكيني”

وكان عليه الصلاة والسلام متهادي يقبل الهدية ويردها،ومتسامح يعفو عند المقدره ويصفح عمن يسيء له، كما أنه كان حريص دائمًا على صلة الرحم بأهله وجيرانه وأصحابه، فضلاً عن زهده في الدينا فكان لا يهتم لأمر الطعام أو الشراب بل يرضى بالقليل ولا يتباهي في ملابسه.

ومن أجمل ما قيل عن صفات النبي عليه السلام قبل البعثة أنه كان رؤوفاً وشفيق بالمرضى، فكان يزور المريض، ويهتم بعلاج المصابين في الغزوات وإطعامهم والتكفل بمتطلبات أسرتهم، كما كان يجيب دعوات العبيد.

أخلاق الرسول وصفاته

عندما سُئلت أم المؤمنين السيدة عائشة -رضي الله عنها- عن أخلاقه قالت: (كان خُلقه القرآن الكريم) ومن صفاته الخلفية الرحمة والقلب اللين، كما جاء في قول الله تعالى (وما أرسلنالك إلا رحمة للعالمين)، فكان عليه الصلاة والسلام يتصف بالتسامح، والخلق الطيب، حتي مع من آذوه كما سوف تشهد المواقف التالية من سيرته العطره.

فكان يتصف عليه الصلاة والسلام بالكرم والسخاء والعطاء وجاء ذلك في حديثه الشريف “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه” فكان قدوة حسنة ومثل أعلي في الجود فنتذكر موقف المرأة التي أهدته شملة منسوجة فأخذها النبي عليه وعندما رآه رجل من الصحابة عليه وأعجب بها ورجا بركتها حين لبسها النبي فأهداها له، فكان عليه الصلاة والسلام يؤثر  الآخرين على نفسه.

الرحمة، من أهم أخلاق الرسول وصفاته فكان رحيم بالنساء عندما أوصانا وقال رفقًا بالقوارير، كان رحيمًا أيضًا بالأطفال وكبار السن، ونذكر موقف الرسول مع الأعرابي الذي تبول في المسجد، هذا الأعرابي الذي عمل أعمالاً تثير الغضب ونفور الحاضرين؛ فقام الصحابة إليه وزجروه واستنكروا أمره، فنهاهم النبي – صلى الله عليه وسلم- أن يقطعوا عليه بوله، وهذا الموقف كان في غاية الرفق والرحمة، فقد أنكر النبي – صلى الله عليه وسلم- بالحكمة على الأعرابي عمله، فقاله له حينما قال: ” اللهم ارحمني ومحمداً، ولا ترحم معنا أحداً: ” لقد تحجرت واسعاً”، يريد النبي صلى الله عليه وسلم رحمه الله، فإن رحمه الله قد وسعت كل شيء، وقد بخل هذا الأعرابي برحمه الله على خلقه”.

واحتوت مواقف النبي الإنسانية رحمته بالمرأة في ضعفها الفطري والجسدي، فقد نادى الرسول بحق المرأة وأوصى بها خيراً، فكان النبي رحيم بالمرأة ويكره أن يراها تحتمل المشقة أو تكابد الصعاب، فعندما رأى أسماء بنت أبي بكر وهي تحمل النوى على رأسها مسافة بعدية رق لها قلبه وتحركت رحمته، فإذا به صلى الله عليه وسلم يقف لها في الطريق ليحمل عنها، ولكنها تمتنع حياءً ووفاءً لزوجها الذي كان يغار عليها فيتركها تفعل ما يريحها رغم رحمتها بها.

ومن رحمة النبي بالحيوان، أنه جعل النفقة على الحيوان واجبة على صاحبه، ونهى عن إجاعته وتعريضه للهزال والضعف، ولقد آلم مشاعره مشاهدته لبعير جائع، فقد روي سهل بن الحنظلية قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعير لحق ظهره ببطنه فقال: اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة فاركبوها صالحة وكلوها صالحة، كما قوّم صلى الله عليه وسلم سلوكاً سيئاً لفتى من الانصار كان يجيع بعيره ويحمله فوق طاقته، فلم ينهي الرسول فقط عن عدم إطعام بل أيضاً نهى عن تجميله ما لا يطيق من عمل”.

وكان يتصف عليه السلام بالعدل في جميع أفعاله وأقواله، كما كان يصفح عن الناس فضرب اسمى معاني العفو عن المشركين أثناء فتح مكة وعفوه عن قريش: عندما دخل الرسول مكة فاتحاً لها ومنهياً بذلك سلطة أهل قريش وقف أمامهم ليسألهم عما يظنون أنه سيفعل بهم، فكان من المتوقع أن يأتي الرد بأن ينال كل واحد منهم جزاءه جراء ما اعتدى به على الرسول وعلى المسلمين، ولكنه موقفه كان عفواً عند المقدرة،حينما قال لهم: “يا معشر قريش، ما ترون إني فاعل فيكم؟” قالوا: خيراً، أخ كرم وابن أخ كريم، فقال صلى الله عليه وسلم: “اذهبوا فأنتم الطلقاء”.

ومن روائع أخلاق النبي صلي الله عليه وسلم الصبر، فكان يصبر على الأذى،  وكان يحب التفاؤل ويحسن الظن بالله، ومن صفات النبي الجدير ذكرها أنه كان لا يتكلم إلا فيما يعنيه، فكانت كلماته تحمل الحكمة ولا تخلو من البيان، ومع ذلك كان يحب المزاح أيضًا، وكان ييسر على الناس أمورهم ولا يصعبها.

وقص أنس بن مالك عن أخلاق الرسول أنه كان لا يحرج أحد، ففي ذات الليالي كان يحضر شربة للرسول ليفطر عليها، ولكن تأخر عليه الرسول فظن أنسن أن أحد من الصحابي قد دعاه ليشربها معه، فشرب أنس الشوربة، وآتى الرسول بعد العشاء وعلم أنس أن الرسول لم يفطر مع أحد فحزن حزنًا شديداً، وأصابه الغم، خوفًا من أن يسأل الرسول على الشوربه ولم يجدها، فيبات جوعاً، ولكن قال أنس بن مالك أن النبي لم يسأل عنها ولم يذكرها أبداً.

ومن خلال ما سبق ذكره نجد أنه لم يُر أكرم من رسول الله وألطف منه في معاملته للكبار والصغار، في صحابته، وفي معاملته لزوجاته، وتربية لأبنائه، وعطفه ورقه قلبه مع الأطفال، وعطفه على الحيوان والطير، حتى كرمه وعفوه عند المقدرة مع خصومه، فليس هناك أمتع ولا أعظم عبرة وحكمة وقدوة حسنة للأجيال المتعاقبة من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم .

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.