الفرق بين التعلق والحب.. وكيف تحول التعلق إلى حب؟

Mohamed Sherefالمُدقق اللغوي: Rana Ehab13 أبريل 2022آخر تحديث : منذ 8 أشهر

هناك بعض الألفاظ التي تتداخل فيما بينها، ويصعب على الفرد التمييز بينها، كالاعجاب والحب والعشق والمودة والتعلق، وما يهمنا هنا أن نذكر الفرق بين التعلق والحب، فالحب يختلف على نحو ملحوظ عن التعلق، وإذا كان هناك خلط بينهما، فإن ذلك ناتج عن القصور في إدراك التباين بين الألفاظ والمفردات، وفي هذا المقال سوف نزيل هذا الغموض ونوضح بالتفصيل الفارق بين الحب والتعلق.

 الامة  - مدونة صدى الامة
الفرق بين التعلق والحب

الفرق بين التعلق والحب

  • أن الفارق ليس بسيطاً بين التعلق والحب، فالمعنيان يختلفان من ناحية السياق والدلالة، فالحب في العادة يجلب السرور والبهجة، ويشوبه نوع من الحميمية والرغبة، ومتى تملك الإنسان، زاد في قلبه اللهفة والحنين والميل نحو الآخر.
  • في حالة التعلق، نجد أنه فيه نوع من القلق الدائم والارتباك والخوف من فكرة الفقد والفراق، فالإنسان متى تعلق بآخر، اصبح لا يرى غيره في الحياة، ولا يستطيع أن يعيش مرتاح البال إذا كان بجواره، ويتملكه التوتر والخوف إذا ما ابتعد عنه.
  • في الحب ليس على المرء أن يتكلف عناء شيء، ولا يتطلب منه بذل أقصى ما عنده للحفاظ على علاقته بالآخر، وذلك لأن الحب متبادل بين الطرفين، وكلاهما يعمل على إتزانها بنوع من المعقولية، بينما في التعلق، فالإنسان يبذل قصارى جهده، ويضاعف من وقته وجهده للشريك خوفاً من فراقه وفقده.
  • الحب يرسم المستقبل ويطبع على صاحبه نوع من الجسارة والإقدام. في التعلق يخشى الفرد من المستقبل، ويضع احتمالات سيئة، وينظر للحياة من ناحية التهديد والخطر.
  • الحب قائم على الثقة المتبادلة والشعور بالأمان والطمأنينة. التعلق فيه نوع من التذبذب وقلة الثقة بالنفس والشعور الدائم بالخطر والخيبة وزوال ما في اليد، الأمر الذي يدفع صاحبه إلى التشبث أكثر بالطرف الآخر.

ما سبب التعلق؟

إن أسباب التعلق كثيرة ومتنوعة، فلقد ذهب علماء النفس إلى القول بأن الأسباب لا تتعلق بالشخص نفسه بل من حوله أيضاً، فالتعلق ناتج عن ظروف اجتماعية وأسرية وعاطفية أيضاً، ولعل الفرد يتساءل دائماً ما هو سبب التعلق بشخص؟ وتتحدد هذه الأسباب كالتالي:

  • وجود نقص في جوانب الشخصية، وتوافر قد من الفراغ الداخلي، يدفع صاحبه إلى تعويضه بكافة السبل الممكنة.
  • الحرمان العاطفي، والنمو في بيئة غير مشبعة بالعاطفة والحنان والدفء.
  • الاستخفاف بالمشاعر، وعدم تقدير عواطفه التي يكنها في قلبه، والتعامل معها باستحقار.
  • عدم تلبية حاجاته النفسية، وعدم توافر الدعم المرجو، والاعتماد على النفس.
  • تجاهل متطلباته من قبل الأسرة والأصدقاء.
  • الشِدة في التعامل منذ الصغر.

كيف يمكن التحرر من التعلق ؟

ليس صعباً التحرر من عوامل التعلق، وليس هيناً أيضاً أن يتخذ المرء هذه الخطوة، لكنها خطوة مهمة نحو العودة للحياة الطبيعية، والتحرر من قيود النفس، ومن وسائل التحرر تلك الآتي:

  • الإقرار بالأمر، والاعتراف الكامل من قبل الشخص بأن التعلق في جوهره مرض يستوجب العلاج.
  • اشغل وقتك، فمن لم يشغل نفسه، شغلته وقهرته.
  • ممارسة الرياضة والهوايات المفضلة، والسفر والتنقل من مكان لآخر، وعدم الجلوس في الغرفة لوقت طويل.
  • تغيير الموسيقى التي اعتاد الشخص الاستماع إليها، فقد تذكره موسيقى معين بشخص معين.

مفهوم الحب

  • الحب أسمى شعور على الإطلاق، فلولا الحب، ما خُلقنا على هذه الأرض، فأساس العمران والبناء والعلاقات الإنسانية، الحب ولا شيء غيره، كما أن الروابط الأسرية والصداقات والمعاملات البشرية كافة جوهرها الرئيسي الحب المتبادل.
  • والحب عبارة عن مجموعة من المشاعر والانفعالات والعواطف الإيجابية والحالات الوجدانية والعقلية والخواطر النفسية التي تزداد في شدة تأثيرها على الآخر، والحب أسمى الفضائل الإنسانية وأطهرها على الإطلاق.
  • ولا شك أن الحب يتنوع وفقاً لأطراف العلاقة، فحب الأم يختلف عن حب الأخ، وكلاهما يختلفان عن حب الزوج لزوجته، والصفة الطاغية بين كافة الأحوال وجود نوع من الانجذاب الشخصي والرغبة في استمرارية العلاقة، والعمل على المحافظة عليه.
  • وما يميز الحب عن غيره من المشاعر هو الإيثار وتفضيل الآخر والتضحية من أجله واللطف والطباع القويمة، وقد خص علماء النفس الحب عن غيره باعتباره علاج فعال للكثير من الأمراض النفسية، فحالات مثل الاكتئاب المزمن والإدمان والقلق المرضي، يتوقف علاجها فقط على الإحساس بالحب.

مفهوم التعلق

  • إن التعلق في جوهره نظرية تبدأ منذ الصغر، فمتى ينمو الجنين ليصبح طفلاً، يزداد تعلقه بطرف معين يراه الوسيلة الأولى للنمو والرعاية، فهو يستمد منه العاطفة والحنان ليكبر في بيئة تشبعه بكافة رغباته ومتطلباته الأساسية، ولكن ازدياد التعلق عن المعدل الطبيعي يتحول لمرض.
  • والتعلق عبارة عن رابطة أو رباط بين الشخص وبين الآخر، كل منهما يبادل الآخر نفس المشاعر، لكنه هناك طرف تفوق مشاعره الطرف الآخر، ويكون منجذباً إليه بشكل أكبر، ولا يستطيع الاستغناء عنه، ويكون مستنداً عليه وراغباً فيه بشكل يثير قلقه وخوفه على الدوام.
  • وهذا التعلق قد يكون سبباً في تعدد الخلافات والمشاكل، وذلك لأن التعلق قد يضاعف الحب لصورة مخيفة تربك حسابات الطرف الآخر، فالتعلق قد يتبعه قهر وقيود وشك نابع عن حب لا يفهمه الآخر.
  • ويعتبر الكثير من علماء النفس أن التعلق لاضرر منه، طالما كان طبيعياً ولا يخلق أي مشاكل بين الطرفين، لكن متى ازداد عن حده الطبيعي، أصبح مرضاً يتطلب العلاج السريع.

علامات تدل على التعلّق

من علامات التعلق الآتي:

  • عدم الثقة بالنفس، والتذبذب في الرأي، وعدم تقدير المرء لنفسه بالصورة الصحيحة.
  • وجود جوانب نقص في الشخصية الإنسانية، يحاول الشخص ترميمها من خلال الطرف الآخر.
  • التفكير بهوس والاستغراق في الأحلام، وتجلي الخواطر عن الطرف الآخر.
  • الانغماس في عالم من الأوهام ونسج القصص الخيالية، والبعد عن الواقع.
  • اقتحام خصوصيات الطرف الآخر، والتحكم فيه، وفرض قيود عليه بدافع الحب.
  • عدم الإلمام بكافة جوانب الطرف الآخر، واقتصار الرؤية على جانب واحد دون الآخر.

الفرق بين الحب والاعجاب والتعلق والاحتياج

الحب والإعجاب والتعلق والاحتياج، جميعها مصطلحات تتداخل مع بعضها، وتتلاقى في عدة جوانب لكن بينها فوارق تتضح على النحو التالي:

  • الحب عبارة عن مشاعر قوية وعواطف غير مشروطة،  ويكون نابعاً من القلب ولا يشوبه أي نقص أو عيب.
  • الإعجاب عبارة عن خفقان في القلب وانبهار بالطرف الآخر ورغبة في الاقتراب منه، ويعتبر مصدره العين في المقام الأول.
  • ولتوضيح الفارق بينهما، أن المعجب بزهرة ما يتنزعها من مكانها رغم علمه بأن ذلك يقتلها، بينما المحب فهو يشم ريحقها ويسقيها حتى تنمو.
  • التعلق عبارة عن مشاعر مضاعفة يبادلها طرف للآخر، يكون بينهما علاقة حب، وينجم عن هذا التعلق قلق دائم وخوف وأفكار سلبية تعوق نمو العلاقة بينهما.
  • الاحتياج عبارة عن حب قائم على سبب وهو الاحتياج للطرف الآخر، وهذا النوع من الحب منبعه الحرمان العاطفي، وأي حب له سبب لا يعول عليه، وذلك لأن بمجرد نيل الحاجة، يزول الحب.

اختبار الحب والتعلق

هناك العديد من الاختبارات التي يُقييم من خلالها علماء النفس درجة تعلق الشخص بالآخر، وعمق محبته له، ومن أشهر هذه الأختبارات هو طرح الأسئلة الذاتية التي يجيب عنها المرء لتوضيح مدى حبه وتعلقه بالآخر، ومن ضمن هذه الأسئلة:

هل ستشعر باليأس في حال رحل هذا الشخص؟
نعم
لا
من المتحمل
هل تفكر بهذا الشخص طيلة الوقت؟
نعم
لا
أحياناً
هل تشعر بالسعادة عندما يسعد الطرف الآخر؟
نعم
لا
دائماً
أتفضل أن تقضي كامل اليوم مع هذا الشخص؟
نعم
لا
في بعض الأوقات
تنتابك الغيرة عند رؤية هذا الشخص مع غيرك
نعم
لا
دائماً
هل ترغب في هذا الشخص جسدياً وفكرياً وعاطفياً؟
نعم
لا
دائماً

الفرق بين الحب والتعلّق في علم النفس

  • يرى علماء النفس أن الحب يختلف عن التعلق، فالحب دائماً ما يسنح للآخر بالتنفس والحرية والشعور بالأمان والقدرة على اشباع كامل رغباته، بينما التعلق فهو يُلزم الطرف الآخر بعدة قواعد وقرارات، حيث يميل الشخص إلى تملك الآخر والتعامل معه وكأنه شيء يخصه.
  • في الحب هناك شعور متبادل بالأمن والطمأنينة والإريحية في التعامل، أما التعلق فهو يسلب المرء قوته وحيويته، ويشعره دائماً بالخوف والقلق من الفقد، وقد يضيق الخناق على الطرف الآخر خوفاً من رحيله، مما يدفعه للرحيل.

علاج التعلق الزائد بشخص

  • تكوين صداقات جديدة، وقضاء بعض الوقت مع الأصدقاء والأسرة.
  • الاندماج داخل المجتمع، والبحث عن هوية شخصية فيه، والتطوع في الأعمال الخيرية.
  • استبدال الأماكن القديمة بأماكن أخرى يحظى فيه بالوقت الممتع.
  • وأخيراً، يعتبر الوقت كفيلاً بتغيير كل شيء، ثق جيداً أن الوقت عامل جيد للتحرر والنسيان والبدء من جديد.

هل التعلق بشخص ابتلاء ؟

  • التعلق في جوهره يعد ابتلاء، لأن الإنسان لا خيار له فيه، فأحكام القلب يرضخ لها العقل طوعاً واكراهاً.
  • فقد قيل: ” التعلق مرض لا أجر فيه ولا عوض ” كما يُفدي تعلق إنسان بآخر إلى التعرض للإيذاء النفسي والعيش في قلق دائم.
  • ومن ناحية دينية، فإن التعلق بغير الله يُلهي المرء عن أحكام الشريعة والعبادات، وينأى به إلى عالم آخر غير واقعي.
  • وفي ذلك يذهب بعض الفقهاء إلى القول بأن التعلق بالفاني يُفنيك، والتعلق بالباقي يُبقيك.
  • فمن تعلق بغير الله، فقد أفنى عمره في السراب والوهم، ولم يحصد مُراده في نهاية المطاف.

ما هو التعلق المرضي ؟

  • التعلق المرضي نوع من التعلق الطبيعي، وفيه يكون الإنسان عاجز عن التحكم في مشاعره وانفعالاته، حيث يستجيب للآخر بصورة آلية، مما يجعله خاضعاً له.
  • فهذه العلاقة تصنف تحت مصطلح العلاقات القهرية، والتي يخضع فيها المرء لظروفه نفسية ومتطلبات الشريك.
  • وينتج عن هذه العلاقة نوع من التذبذب وعدم تقدير الذات، وقلة الثقة بالنفس والبعد عن الأهداف الشخصية.

ما هو التعلق العاطفي ؟

  • يستند هذا النوع من التعلق على العاطفة، فالمرء يرتبط عاطفياً بالآخر اعتماداً على شعوره ناحيته وتعلقه به.
  • وليس بالضرورة أن يكون التعلق العاطفي في ظل حضور الطرفين، فقد يستمر أيضاً بعد الفراق، حيث يرتبط الشخص بالآخر عاطفياً وروحياً.
  • ومن أضرار هذا النوع من التعلق، الحزن الشديد والاكتئاب والبعد عن الواقع، والاستغراق في عالم الأحلام، وتمزق المُخيلة من فرط الألم والحزن.

ما هو جنون الحب ؟

  • الحب الجنوني يستمد قوته من هوس التعلق بالآخر، وعدم القدرة على الابتعاد عنه، والاستمرار في متابعته حتى بعد رحيله.
  • وفي هذه الحالة من الحب الجنوني يتم إفراز هرمون الأوكسيتوسين، وهو هرمون يزيد من تعلق المرء بالآخر، وعدم استيعاب فكرة فقده.
  • وقد يؤدي مثل هذا الحب إلى الهوس الإكلينيكي، حيث الهوس الشديد بالطرف الآخر، والخضوع له وعدم القدرة على العيش بصورة طبيعية، وربط كل أهدافه بوجوده.
رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.